سوار لطمتني ومنه هذا. انتهى.

وهذا لفظ ابن هشام في مغنيه، واعترضه الشيخ تقيّ الدين الشمني بأنه لو قال: كقوله

بلفظ الإفراد لكان أولى لأن الذي قاله حاتم الطائي حيث لطمته جارية وهو مأسور في بعض أحياء العرب ثم صار مثلاً، وذات السوار الحرة لأن الإماء عند العرب لا تلبس السوار. انتهى.

وقال في المصابيح: قول الزركشي أن لو خاصة بالفعل لا ينتج له مدعاه من كون التركيب على خلاف الجادّة فإنّا إذا قدرنا ما بعد لو معمولاً لمحذوف كانت لو باقية على اختصاصها بالفعل ثم قال: فإن قلت إن الزركشي عنى خاصة بدخولها على الفعل الملفوظ به لا المقدر. قلت: يرد عليه حينئذ نحو قوله تعالى: {قل لو أنتم تملكون} [الإسراء: 100] إلى غير ذلك (نعم نفرّ من قدر الله إلى قدر الله) أطلق عليه فرارًا لشبهه به في الصورة وإن كان ليس فرارًا شرعيًّا والمراد أن هجوم المرء على ما يهلكه منهي عنه ولو فعل لكان من قدر الله وتجنبه مما يؤديه مشروع وقد يقدر الله وقوعه فيما فرّ منه فلو فعله أو تركه لكان من قدر الله (أرأيت) أي أخبرني (لو كان لك إبل هبطت واديًا له عدوتان) بضم العين وكسرها وسكون الدال المهملتين أي شاطئان وحافتان (إحداهما خصبة) بالخاء المعجمة المفتوحة والصاد المهملة المكسورة بعدها موحدة (والأخرى جدبة) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة (أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله)؟

(قال) ابن عباس -رضي الله عنهما- بالسند السابق (فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبًا في بعض حاجته) لم يشهد معهم المشاورة المذكورة (فقال: إن عندي في هذا) الذي اختلفتم فيه (علمًا. سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):

(إذا سمعتم به) أي بالطاعون (بأرض فلا تقدموا عليه) ليكون أسكن لأنفسكم وأقطع لوساوس الشيطان (وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه) لئلا يكون معارضة للقدر فلو خرج لقصد آخر غير الفرار جاز. (قال) ابن عباس (فحمد الله) تعالى (عمر) على موافقة اجتهاده واجتهاد معظم الصحابة حديث رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ثم انصرف) راجعًا إلى المدينة لأنه أحوط ولرجحانه بكثرة القائلين به مع موافقة اجتهاده للنص المروي عن الشارع -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وفي إسناد هذا الحديث ثلاثة من التابعين في نسق واحد وصحابيان وكلهم مدنيون، وأخرجه مسلم في الطب، وأبو داود في الجنائز، والنسائي في الطب.

5730 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّأْمِ فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ».

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي الحافظ قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبد الله بن عامر) أي ابن ربيعة الأصغر ولد في زمنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

سنة ست من الهجرة وحفظ عنه وهو صغير وتوفي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو ابن أربع سنين (أن عمر) - رضي الله عنه- (خرج إلى الشام) لينظر في أحوال رعيته الذين بها (فلما كان بسرغ) بفتح السين المهملة وسكون الراء بعدها غين معجمة بينها وبين المدينة ثلاث عشرة مرحلة (بلغه أنّ الوباء) أي الطاعون (قد وقع بالشام) فعزم على الرجوع بعد أن اجتهد ووافقه بعض الصحابة ممن معه على ذلك (فأخبره عبد الرحمن بن عوف) وكان متغيبًا في بعض حاجته (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إذا سمعتم به) أي بالطاعون، ولأبي ذر عن الكشميهني أنه (بأرض فلا تقدموا عليه) لأنه تهوّر وإقدام على خطر (وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه) فإنه فرار من القدر ولئلا تضيع المرضى لعدم من يتعهدهم والموتى ممن يجهزهم فالأول تأديب وتعليم والآخر تفويض وتسليم، وفي الحديث جواز رجوع من أراد دخول بلد فعلم أن فيها الطاعون وأن ذلك ليس من الطيرة وإنما هو من منع الإلقاء إلى التهلكة، أو سدًّا للذريعة لئلا يعتقد مَن يدخل إلى الأرض التي وقع بها أن لو دخلها وطعن العدوى المنهي عنها، وقد زعم أن النهي عن ذلك إنما هو للتنزيه وأنه لا يجوز الإقدام عليه لمن قوي توكله وصحّ يقينه، ونقل القاضي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015