صاعقة قال: (أخبرنا سريج بن يونس) بالسين المهملة المضمومة والراء المفتوحة بعدها تحتية ساكنة فجيم (أبو الحارث) البغدادي قال: (حدّثنا مروان بن شجاع) الجزري (عن سالم الأفطس) الأموي مولاهم (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) -رضي الله عنهما- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(الشفاء في ثلاثة) أي في ثلاثة أشياء (في شرطة محجم أو شربة عسل) قيل: ليس المراد الشرب على الخصوص بل استعماله في الجملة فيما يصلح استعماله فيه فإنه يدخل في المعجونات المسهلة ليحفظ على تلك الأدوية فعلها فيسهل الأخلاط التي في البدن (أو كية بنار) وليس المراد حصر الشفاء في الثلاثة فقد يكون الشفاء في غيرها وإنما نبه بها على أصول العلاج لأن الأمراض

تكون دموية وصفراوية وبلغمة وسوداوية فالدموية بإخراج الدم وخص الحجم بالذكر لكثرة استعمال العرب له وبقيتها بالمسهل الملائم لكل خلط منها، وأما المكي فيكون أخيرًا لما ذكرنا (وأنهى أمتي عن الكي).

قال الشيخ عبد الله بن أبي جمرة ما حاصله علم من مجموع كلامه في الكي: إن فيه نفعًا ومضرة فلما نهى عنه علم أن جانب المضرة فيه أغلب قال وقريب منه إخبار الله تعالى أن في الخمر منافع ثم حرمها لأن المضار التي فيها أعظم من المنافع، وقد أبدى في المصابيح سؤالاً وهو، فإن قلت: المبدل منه هو ثلاثة من قوله الشفاء في ثلاثة والبدل أحد ثلاثة لوجود العطف بأو فما وجهه؟ وأجاب: بأنه على حذف مضاف أي الشفاء في أحد ثلاثة فليس المبدل منه والبدل مختلفين بالتعدد والموحدة بل هما متفقان بهذا التقدير كما قالوه في قول الشاعر:

وقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما ... صدور رماح أشرعت أو سلاسل

أي لنا إحدى خصلتين مبهمتين.

4 - باب الدَّوَاءِ بِالْعَسَلِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}

(باب الدواء بالعسل).

هو لعاب النحل أو طل خفي يقع على الزهر وغيره فتلقطه النحل وقيل بخار يصعد فينضج في الجو فيستحيل ويغلظ في الليل ويقع عسلاً فتجتنيه النحل وتتغذى به فإذا شبعت جنت منه مرة أخرى ثم تذهب به إلى بيوتها وتضعه هناك لأنها تدخر لنفسها غذاءها فهو العسل وقيل إنها تأكل من الأزهار الطيبة والأوراق العطرة فيقلب الله تعالى تلك الأجسام في داخل أبدانها عسلاً، ثم إنها تقيء ذلك فهو العسل وجمعه أعسال وعسل وعسول وعسلان والعاسل والعسال مشتاره من موضعه، وللعسل أسماء ذكرها ومنافعها المجد الشيرازي مؤلف القاموس في مؤلف في استقصائها طول يخرجنا عن الاختصار وأصلحه الربيعي ثم الصيفي وأما الشتائي فرديء وما يؤخذ من الجبال والشجر أجود مما يؤخذ من الخلايا وهو بحسب مرعاه، ومن العجيب أن النحلة تأكل من جميع الأزهار ولا يخرج منها إلا حلوًا مع أن أكثر ما تجتنيه مر وطبع العسل حار يابس في الدرجة الثانية جلاء للأوساخ التي في العروق والمعي وغيرها محلل للرطوبات أكلاً وطلاءً نافع للمشايخ ولأصحاب البلغم ولمن كان مزاجه باردًا رطبًا فالمبرود يستعمله وحده لدفع البرد والمحرور مع غيره لدفع الحرارة وهو جيد للحفظ يقوي البدن ويحفظ صحته ويسمنه ويقوي الإنعاظ ويزيد في الباءة للمبرودين والتغرغر به ينقي الخوانيق وينفع من الفالج واللقوة والأوجاع الباردة الحادثة في جميع البدن من الرطوبات واستعماله على الريق يذيب البلغم ويغسل خمل المعدة ويقويها ويسخنها إسخانًا معتدلاً ويبيض الأسنان استنانًا ويحفظ صحتها والتلطخ به يقتل القمل ويطول الشعر وينفع للبواسير ويحفظ اللحم ثلاثة أشهر وخواصه كثيرة.

(و) يكفيه فضلاً (قول الله تعالى {فيه}) أي في العسل ({شفاء للناس}) [النحل: 69] من أدواء تعرض لهم، قيل ولو قال فيه الشفاء للناس لكان دواء لكل داء لكنه قال: فيه شفاء للناس أي يصلح لكل أحد من أدواء باردة فإنه حار والشيء يداوى بضده، وقول مجاهد بن جبر فيه أي في القرآن قول صحيح في نفسه، لكن ليس هو الظاهر من سياق الآية لأنها إنما ذكر فيها العسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015