حريرها أكثر فالنهي للتحريم وإلاّ فللتنزيه (وعن لبس الحرير) بضم اللام (والديباج) بكسر الدال وتفتح آخره جيم ما غلظ وثخن من ثياب الحرير (والإستبرق) بكسر الهمزة غليظ الديباج فارسي معرّب قاله الجواليقي، وذكره بعد الديباج من ذكر الخاص بعد العام أو أريد به ما رق من الديباج ليقابل ما غلظ منه فهو من التعبير عن الخاص بالعام واعلم أن هذه المنهيات كلها للتحريم بخلاف الأوامر.
وهذا الحديث قد مرّ في أوائل الجنائز في باب الأمر باتباع الجنائز.
(باب) جواز (الشرب في الأقداح).
5636 - حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى أُمِّ الْفَضْلِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّهُمْ شَكُّوا فِى صَوْمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ عَرَفَةَ فَبُعِثَ إِلَيْهِ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَهُ.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (عمرو بن عباس) بفتح العين وسكون الميم في الأول وبالموحدة المشددة والسين المهملة في الثاني البصري قال: (حدّثنا عبد الرحمن) بن مهدي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن سالم أبي النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة مولى عمر بن عبيد الله (عن عمير) بضم العين مصغرًا (مولى أم الفضل عن أم الفضل) لبابة أم عبد الله بن عباس رضي الله عنهم (أنهم شكوا في صوم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم عرفة) وهو بعرفة (فبعث) بضم الموحدة وكسر العين مبنيًّا للمفعول وفي الحج من طريق سفيان عن الزهري عن سالم أبي النضر فبعثت بسكون المثلثة وفي رواية فبعثت بسكون آخره أي لبابة (إليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بقدح من لبن فشربه).
وهذا الحديث سبق في الحج والصوم.
(باب الشرب من قدح النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) الشرب من (آنيته) وهو من عطف العام على الخاص للتبرك به (وقال أبو بردة): عامر بن أبي موسى الأشعري مما وصله مطوّلاً في كتاب الاعتصام
(قال لي عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام الصحابي المشهور -رضي الله عنه- (ألا) بفتح الهمزة وتخفيف اللام للعرض (أسقيك في قدح شرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه)؟
5637 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ: ذُكِرَ لِلنَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِىَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَدِمَتْ. فَنَزَلَتْ فِى أُجُمِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَخَرَجَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى جَاءَهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ: «قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّى»، فَقَالُوا: لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: لاَ. قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ لِيَخْطُبَكِ. قَالَتْ: كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ. فَأَقْبَلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثُمَّ قَالَ: اسْقِنَا يَا سَهْلُ، فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا الْقَدَحِ فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ. فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ فَوَهَبَهُ لَهُ.
وبه قال (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) سالم الجمحي مولاهم المصري ونسبه لجده واسم أبيه محمد بن الحكم بن أبي مريم قال (حدّثنا أبو غسان) بالغين المعجمة المفتوحة والسين المهملة المشددة محمد بن مطرف بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الراء المكسورة بعدها قال (حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار (عن سهل بن سعد) الساعدي (-رضي الله عنه-) أنه (قال ذكر) بضم المعجمة وكسر الكاف (للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امرأة من العرب) هي الجونية بضم الجيم وسكون الواو وكسر النون واسمها فيما قيل أميمة فأراد أن يتزوجها (فأمر أبا أسيد) بضم الهمزة وفتح المهملة مالك بن ربيعة (الساعدي) -رضي الله عنهما- (أن يرسل إليها) من يأتي بها (فأرسل إليها فقدمت فنزلت في أجم بني ساعدة) بضم الهمزة والجيم بناء يشبه القصر وهو من حصون المدينة (فخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى جاءها فدخل عليها فإذا امرأة منكسة) بكسر الكاف المشددة (رأسها فلما كلمها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وفي كتاب الطلاق قال: "هبي نفسك لي" (قالت) لشقائها (أعوذ بالله منك، فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(قد أعذتك مني) الحقي بأهلك، (فقالوا لها أنذرين مَن هذا؟ قالت: لا، قالوا: هذا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاء ليخطبك. قالت: كنت أنا أشقى من ذلك) يعني لما فاتها من التزويج به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فأقبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذ حتى جلس في سقيفة بني ساعدة) موضع المبايعة بالخلافة لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- (هو وأصحابه ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اسقنا يا سهل) قال سهل (فخرجت لهم بهذا القدح) وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي والمستملي فأخرجت لهم هذا القدح (فأسقيتهم فيه) قال أبو حازم: (فأخرج لنا سهل ذلك القدح) الذي شرب منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فشربنا منه) تبركًا به -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قال: ثم استوهبه عمر بن عبد العزيز بعد ذلك) لما كان أميرًا بالمدينة زادها الله شرفًا ورزقني الوفاة في عافية بلا محنة من سهل (فوهبه له) قال في الفتح: