يحيى بن صالح) الحمصي الحافظ الفقيه قال: (حدّثنا فليح بن سليمان) العدوي مولاهم المدني (عن سعيد بن الحارث) قاضي المدينة (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل على رجل من الأنصار) سبق فيما قبل أنه أبو الهيثم بن التيهان بستانه (ومعه) عليه الصلاة والسلام (صاحب له) وهو أبو بكر -رضي الله عنه- (فسلّم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصاحبه) أبو بكر عليه (فردّ الرجل) الأنصاري عليهما (فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي) أي مفدي بأبي وأمي (وهي) أي الساعة التي أتيت فيها (ساعة حارة وهو) أي والحال أنّ الرجل (يحوّل في حائط له يعني الماء) من قعر البئر إلى ظاهرها (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) للرجل:
(إن كان عندك ماء بات في شنة) بفتح المعجمة قربة خلقة (وإلاّ كرعنا) شربنا بفينا (والرجل) أي والحال أن الرجل (يحوّل الماء في حائط) يجريه من جانب إلى جانب في بستانه (فقال الرجل: يا رسول الله عندي ماء بات) وللكشميهني بائت (في شنة فانطلق) بفتحات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومعه أبو بكر (إلى العريش) موضع مظلل عليه في البستان بخشب وثمام (فسكب) الرجل (في قدح ماء ثم حلب عليه) لبنًا (من) شاة (داجن له) وهي التي تألف البيوت (فشرب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم أعاد فشرب الرجل الذي جاء معه) وهو أبو بكر -رضي الله عنه-، ولأحمَد وسقى صاحبه.
فإن قلت: ما المطابقة بين الترجمة والحديث؟ أجيب: من جهة أن جابرًا أعاد قوله وهو يحوّل الماء في أثناء مخاطبة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للرجل مرتين وإن كان الظاهر أنه كان ينقله من أسفل البئر إلى أعلاها فكأنه كان هناك حوض يجمعه فيه ثم يحوّله من جانب إلى جانب.
وهذا الحديث سبق قريبًا في باب شوب اللبن بالماء.
(باب خدمة الصغار الكبار).
5622 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا - رضى الله عنه - قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَىِّ أَسْقِيهِمْ عُمُومَتِى وَأَنَا أَصْغَرُهُمُ الْفَضِيخَ، فَقِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، فَقَالُوا: أَكْفِئْهَا، فَكَفَأْنَا، قُلْتُ لأَنَسٍ: مَا شَرَابُهُمْ؟ قَالَ: رُطَبٌ وَبُسْرٌ. فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ: وَكَانَتْ خَمْرَهُمْ. فَلَمْ يُنْكِرْ أَنَسٌ وَحَدَّثَنِى بَعْضُ أَصْحَابِى أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا معتمر عن أبيه) سليمان أنه (قال: سمعت أنسًا -رضي الله عنه- قال: كنت قائمًا على الحيّ أسقيهم) بالحاء المهملة والتحتية المشددة واحد أحياء العرب (عمومتي) جمع عم (وأنا أصغرهم الفضيخ) بالمعجمتين أي الخمر المتخذ من البسر المشدوخ (فقيل حرمت الخمر) بضم الحاء المهملة مبنيًّا للمفعول (فقالوا: أكفئها) بكسر الهمزة هنا في الفرع كأصله وكسر الفاء بعدها همزة ساكنة (فكفأنا) بحذف ضمير المفعول ولأبي ذر
عن الكشميهني فكفأناها، قال سليمان: (قلت لأنس ما) كان (شرابهم؟ قال: رطب وبسر) أي خمر متخذ منهما (فقال أبو بكر بن أنس: وكانت خمرهم) يومئذ (فلم ينكر أنس) ذلك قال بكر بن عبد الله المزني، أو قتادة (وحدّثني) بالإفراد (بعض أصحاب أنه سمع أنسًا) -رضي الله عنه- (يقول: كانت) خمرة الفضيخ (خمرهم يومئذ).
وهذا الحديث سبق في باب نزول تحريم الخمر وهي من البسر والتمر أوائل كتاب الأشربة وهو ظاهر فيما ترجم له هناك.
(باب تغطية الإناء).
5623 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ أَوْ أَمْسَيْتُمْ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا، وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ».
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (إسحاق بن منصور) الكوسج أبو يعقوب المروزي قال: (أخبرنا روح بن عبادة) بفتح الراء في الأول وضم العين وتخفيف الموحدة في الثاني قال: (أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (قال: أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (أنه سمع جابر بن عبد الملك) الأنصاري (-رضي الله عنهما- يقول: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إذا كان جنح الليل) بكسر الجيم في الفرع كأصله وتضم طائفة من الليل وأراد به هاهنا الطائفة الأولى منه عند ابتداء فحمة العشاء (أو أمسيتم) شك من الراوي أي دخلتم في المساء (فكفوا) بضم الكاف والفاء المشددة امنعوا (صبيانكم) من الخروج حينئذٍ (فإن الشياطين تنتشر) تذهب وتجيء (حينئذ) فربما يحصل لهم إيذاء منهم من صرع أو غيره (فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم) بضم الحاء المهملة واللام المشددة (وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله فإن الشيطان) بالإفراد، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فخلوهم بالخاء المعجمة المفتوحة