الحجاج (عن قتادة) بن دعامة السدوسي (عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(رفعت) بسكون العين المهملة وضم الفوقية وللحموي والكشميهني دفعت بالدال المهملة

بدل الراء (إلى السدرة) جار ومجرور، وقال في الفتح: رفعت كذا للأكثر بضم الراء وكسر الفاء وفتح العين المهملة وسكون المثناة على البناء للمجهول وإليّ بتشديد التحتية والسدرة مرفوعة، وللمستملي: دفعت بدال بدل الراء وسكون العين وضم المثناة بنسبة الفعل إلى المتكلم وإلى حرف جر، والمراد سدرة المنتهى وسميت بذلك لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلا سيدنا محمد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وشرف وكرّم، وعن ابن مسعود وسميت بذلك لكونها ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله تعالى ومعنى الرفع تقريب الشيء وكأنه أراد أن سدرة المنتهى استبينت له بنعوتها كل الاستبانة حتى اطلع عليها كل الاطّلاع بمثابة الشيء المقرب إليه (فإذا أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان فأما) النهران (الظاهران فـ) ـهما (النيل) وهو نهر مصر (والفرات) بضم الفاء والمثناة الفوقية المجرورة وهو نهر الكوفة وأصله من أطراف أرمينية (وأما) النهران (الباطنان فنهران في الجنة) وهما فيما قاله مقاتل السلسبيل والكوثر والظاهر أن النيل والفرات يخرجان من أصلهما ثم يسيران حيث أراد الله ثم يخرجان من الأرض ويسيران فيها وهذا لا يمنعه شرع ولا عقل وهو ظاهر الحديث فوجب المصير إليه (فأتيت) بفاء فهمزة مضمومة ولأبي الوقت وأتيت بالواو بدل الفاء (بثلاثة أقداح) ومفهوم العدد لا اعتبار له فلا منافاة بين قوله هنا بثلاثة، وقوله في السابق قدحان وأيضًا فالقدحان قبل رفعه إلى السدرة وهو في بيت المقدس والثلاثة بعده وهو عند السدرة أحدها (قدح فيه لبن و) الثاني (قدح فيه عسل و) الثالث (قدح فيه خمر فأخذت الذي فيه اللبن فشربت فقيل لي أصبت الفطرة) أي علامة الإسلام والاستقامة (أنت) تأكيد للضمير الذي في أصبت (و) لتصب (أمتك). قال ابن المنير: ذكر السر في عدوله عن الخمر ولم يذكر في عدوله عن العسل وظاهره تفضيل اللبن على العسل لأنه الأيسر والأنفع وهو بمجرده قوت وليس من الطيبات التي تدخل في السرف بوجه وهو أقرب إلى الزهد فكأنه ترك العسل الذي هو حلال لأنه من اللذائذ التي يخشى على صاحبها أن يندرج في قوله عز وجل: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} [الأحقاف: 20] وأما اللبن فلا شبهة فيه ولا منافاة بينه وبين الورع بوجه، وأما ما ورد من محبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للعسل فعلى وجه الاقتصاد في تناوله إلا أنه جعله ديدنًا والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مشرع بفعل ما يجوز للبيان.

(وقال هشام) الدستوائي: (وسعيد) هو ابن أبي عروبة فيما وصله المؤلف عنهما في باب ذكر الملائكة من كتاب بدء الخلق (وهمام) بتشديد الميم الأولى ابن يحيى كلهم (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الأنهار) أي اتفقوا من متن الحديث على ذكر الأنهار (نحوه) أي نحو المذكور في الحديث السابق (ولم يذكروا) هؤلاء في روايتهم ولأبي ذر عن الكشميهني ولم يذكر أي هشام (ثلاثة أقداح).

13 - باب اسْتِعْذَابِ الْمَاءِ

(باب استعذاب الماء) أي طلب الماء الحلو.

5611 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ مَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ مَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ. وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ أَوْ رَايِحٌ» شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ «وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَفِي بَنِي عَمِّهِ. وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى: رَايِحٌ.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن سلمة) بن قعنب القعنبي الحارث أحد الأعلام (عن مالك) إمام الأئمة (عن إسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة (أنه سمع) عنه (أنس بن مالك) -رضي الله عنه- (يقول: كان أبو طلحة) زيد الأنصاري (أكثر أنصاري بالمدينة مالًا) نصب على التمييز (من نخل) الجار للبيان (وكان أحب ماله إليه بيرحاء) برفع الراء اسم كان وأحب نصب خبرها أو أحب اسمها وبير خبرها وحاء بالهمز والمد ولأبي ذر بالقصر، واختلف في فتح الموحدة وكسرها وهل بعدها همزة ساكنة أو تحتية أو غير ذلك مما سبق في الزكاة فارجع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015