المأخوذة من العنب (وما بالمدينة منها شيء) لقلة الأعناب ونفي ابن عمر محمول على ما علم أو على المبالغة من أجل قلتها يومئذ بالمدينة فأطلق النفي كما يقال فلان ليس بشيء مبالغة.
5580 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حُرِّمَتْ عَلَيْنَا الْخَمْرُ حِينَ حُرِّمَتْ، وَمَا نَجِدُ -يَعْنِي- بِالْمَدِينَةِ خَمْرَ
الأَعْنَابِ إِلاَّ قَلِيلًا، وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ.
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن يونس) هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي قال: (حدّثنا أبو شهاب عبد ربه بن نافع) الحناط بالحاء المهملة والنون المشددة (عن يونس) بن عبيد البصري (عن ثابت البناني) بضم الموحدة نسبة إلى بنانة زوجة سعد بن لؤي بن غالب (عن أنس) -رضي الله عنه- أنه (قال: حرمت علينا الخمر حين حرمت وما نجد يعني بالمدينة خمر الأعناب إلا قليلًا وعامة) أصل (خمرنا) أي النبيذ الذي سيصير خمرًا (البسر) بضم الموحدة وسكون المهملة (والتمر) وسقط قوله يعني بالمدينة لابن عساكر.
5581 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ حَدَّثَنَا عَامِرٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْيَ مِنْ خَمْسَةٍ الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ. وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن أبي حيان) بفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية آخره نون يحيى بن سعيد التيمي الكوفي قال: (حدّثنا عامر) الشعبي (عن ابن عمر -رضي الله عنهما-) أنه (قال: قام عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (على المنبر) النبوي (فقال: أما بعد) تستعمل في الخطب وأوائل الكتب وقيل إنها فصل الخطاب المذكور في القرآن (نزل) القياس أن يكون جواب أما بعد بالفاء ولا تحذف بعدها في غير قول حذف معها نحو فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم أي فيقال لهم: أكفرتم إلا في ضرره شعر أو ندور كقوله عليه الصلاة والسلام "أما بعد ما بال رجال" (تحريم الخمر) تاسع شوّال سنة ثلاث أو أربع والخمر مصدر مضاف إلى مفعوله (وهي) أي والحال أنها (من خمسة العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير) العنب وما عطف عليه بدل من قوله خمسة وكان نزول تحريم الخمر مما وافق عمر فيه حكم ربه جل وعلا كما رواه أكو داود والنسائي عنه. (والخمر ما خامر العقل) أي غطاه وهو مجاز من باب تشبيه المعنوي بالمحسوس والعقل هو آلة التمييز فلذلك يحرم ما يغطيه ويستره إذ بذاك يزول الإدراك المطلوب من العباد ليقوموا بحقوقه تعالى.
هذا (باب) بالتنوين (نزل تحريم الخمر وهي) أي والحال أن الخمر كان يصنع (من البسر والتمر) وإطلاق الخمر على غير ما اتخذ من العنب مجاز وقيل هو حقيقة لظاهر الأحاديث، وفي مسلم من حديث ابن عمر مرفوعًا "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام" وفي رواية: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام".
5582 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَةَ وَأَبَا طَلْحَةَ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ. فَقَالَ: أَبُو طَلْحَةَ قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا، فَأَهْرَقْتُهَا.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) وكنية عبد الله أبو أويس بن عبد الله بن أبي أويس بن أبي عامر الأصبحي حليف عثمان بن عبيد الله أخي طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي وهو ابن أخت مالك بن أنس الإمام وصهره على ابنته (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك بن أنس) الإمام (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن) عمه (أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه (قال: كنت أسقي أبا عبيدة) عامر بن الجراح أحد العشرة (وأبا طلحة) زيد بن سهل الأنصاري زوج أم أنس (وأبي بن كعب) سيد القراء وكبير الأنصار وعالمهم (من) خمر متخذ من (فضيخ زهو) بفتح الفاء وكسر الضاد المعجمة وبعد التحتية الساكنة خاء معجمة من الفضخ وهو الشدخ وزهو بفتح الزاي وسكون الهاء بعدها واو أي مشدوخ بسر صب عليه ماء وترك حتى يغلي يؤخذ من بسر (وتمر) كليهما وظاهر هذا يؤيد هذا القول الأخير وعند مسلم من طريق قتادة عن أنس أسقيهم من مزادة فيها خليط بسر وتمر، وزاد حميد عن أنس عند الإمام أحمد بعد قوله أسقيهم حتى كان الشراب يأخذ فيهم، ولابن أبي عاصم حتى مالت رؤوسهم (فجاءهم آت) لم أعرف اسمه (فقال: إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة) زوج أم أنس: (قم يا أنس فأهرقها فأهرقتها) أي فصبها فصببتها ولأبي ذر فهرقها فهرقتها بإسقاط الهمزة فيهما وفتح الهاء وكسر الراء في الأول وفتحها في الثاني والأصل أرقها فأبدلت الهمزة هاء وتستعمل بالهمزة والهاء معًا وهو نادر.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في خبر الواحد ومسلم في الأشربة.