على الماء والمصدر معًا فعلى هذا يجوز الطاء أيضًا (وتنعله) لبس النعل (وترجله) تسريح شعره ولم يقل وتطهره كما قال: تنعله وترجله لأنه أراد الطهور الخاص المتعلق بالعبادة ولو قال: وتطهره لدخل فيه إزالة النجاسة وسائر النظافات بخلاف الآخرين فإنهما خاصّان بما وضعًا له من لبس النعل وترجيل الشعر فناسب الطهور الخاص بالعبادة. قال شعبة بن الحجاج: (وكان) أشعث بن أبي الشعثاء (قال بواسط) بالصرف (قبل هذا في شأنه كله) تأكيد لشأنه أي فيما له يمين ويسار، وليس كل ما كان من شأن الإنسان له يمين ويسار فهو عموم يراد به الخصوص، ويلزم من حمله على العموم مخالفة ما أمر فيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالتياسر كبيت الخلاء والخروج من المسجد وغير ذلك، فالمراد سائر ما شرع فيه التيمن مما هو من باب التكريم كلبس الثوب والسراويل والخف ودخول المسجد والخروج من الخلاء.

وهذا الحديث سبق في كتاب الوضوء.

6 - باب مَنْ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ

(باب من كل حتى شبع).

5381 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ: "لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ"؟ فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ

الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ»؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «بِطَعَامٍ»؟ قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لِمَنْ مَعَهُ «قُومُوا». فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنَ الطَّعَامِ مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتِ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَقْبَلَ أَبُو طَلْحَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى دَخَلاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ»؟ فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا. ثُمَّ أَذِنَ لِعَشَرَةٍ فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ ثَمَانُونَ رَجُلًا.

وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس الإمام الأعظم (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع) عمه (أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول، قال أبو طلحة) زيد الأنصاري النجاري (لأم سليم): سهلة زوج أبي طلحة وأم أنس بن مالك (لقد سمعت صوت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضعيفًا أعرف فيه الجوع) فيه العمل بالقرائن (فهل عندك من شيء؟ فأخرجت أقراصًا من شعير ثم أخرجت خمارًا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته) أي أدخلته بقوّة (تحت ثوبي وردّتني) بتشديد الدال (ببعضه) أي جعلته رداء لي (ثم أرسلتني إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: فذهبت به) بالذي أرسلتني به (فوجدت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم فقال لي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(آرسلك أبو طلحة) بمد الهمزة للاستفهام (فقلت: نعم. قال: بطعام) ولأبي ذر عن الكشميهني لطعام بلام بدل الموحدة (قال) أنس (فقلت: نعم، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمن معه قوموا فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة) وفي رواية يعقوب عند أبي نعيم: حتى إذا دنوا دخلت وأنا حزين لكثرة من جاء معه (فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالناس وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم) بالنون أي قدر ما يكفيهم (فقالت) أم سليم: (الله ورسوله أعلم) وفيه دليل على فطنتها ورجحان عقلها وكأنها عرفت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل ذلك ليظهر الكرامة في تكثير الطعام وفي رواية يعقوب فقال أبو طلحة: يا رسول الله إنما أرسلت أنسًا يدعوك وحدك ولم يكن عندنا ما يشبع من أرى فقال: (ادخل فإن الله سيبارك فيما عندك) وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أنس عند أحمد أن أبا طلحة قال فضحتنا يا أنس وللطبراني في الأوسط فجعل يرميني بالحجارة.

(قال) أنس (فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأقبل أبو طلحة ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى دخلا) المنزل وقعد من معه على الباب (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هلمي يا أم سليم ما عندك فأتت بذلك الخبز فأمر به) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (ففت وعصرت عليه أم سليم عكة لها) بضم العين وتشديد الكاف إناء من جلد يكون فيه السمن غالبًا والعسل (فأدمته ثم قال فيه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما شاء الله أن يقول) وفي رواية مبارك بن فضالة عند أحمد فقال: هل من سمن؟ فقال أبو طلحة: قد كان في العكة شيء فجاءا بها فجعلا يعصرانها حتى خرج، ثم مسح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به سبابته ثم مسح القرص فانتفخ وقال "بسم الله" فلم يزل يصنع ذلك والقرص ينتفخ حتى رأيت القرص في الجفنة يمتع وفي رواية النضر بن أنس عند أحمد فجئت بها ففتح رباطها ثم قال: "بسم الله اللهم أعظم فيها البركة" (ثم قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأبي طلحة (ائذن) بالدخول (لعشرة فأذن لهم) فدخلوا (فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا. ثم قال) عليه الصلاة والسلام له: (ائذن لعشرة، فأذن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015