فكان (يأمرني فأتزر) بفتح الهمزة وتشديد المثناة الفوقية وأنكره أكثر النحاة وأصله فاأتزر بهمزة ساكنة بعد الهمزة المفتوحة ثم المثناة الفوقية بوزن افتعل. قال ابن هشام: وعوام المحدثين يحرّفونه فيقرؤونه بألف وتاء مشددة ولا وجه لأنه افتعل ففاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة. وقطع الزمخشري بخطأ الإدغام، وقد حاول ابن مالك جوازه. وقال: إنه مقصور على السماع كاتكل، ومنه قراءة ابن محيصن فليؤد الذي اتمن بهمزة وصل وتاء مشددة، وعلى تقدير أن يكون خطأ فهو من الرواة عن عائشة فإن صح عنها كان حجة في الجواز لأنها من فصحاء العرب، وحينئذ فلا خطأ. نعم نقل بعضهم أنه مذهب الكوفيين، وحكاه الصغاني في مجمع البحرين (فيباشرني) عليه الصلاة والسلام أي تلامس بشرته بشرتي (وأنا حائض) جملة حالية، وليس المراد المباشرة هنا الجماع إذ هو حرام بالإجماع فمن اعتقد حلّه كفر.

301 - وَكَانَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ إِلَىَّ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ.

قالت عائشة: (وكان) عليه الصلاة والسلام (يخرج رأسه) من المسجد (إليَّ) أي وهي في حجرتها (وهو معتكف) في المسجد جملة حالية (فاغسله وأنا حائض) جملة حالية أيضًا.

ورواة هذا الحديث كلهم إلى عائشة كوفيون وفيه التحديث والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه المؤلف في آخر الصوم ومسلم في الطهارة وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.

302 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ -هُوَ الشَّيْبَانِيُّ- عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا

فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ: وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟ تَابَعَهُ خَالِدٌ وَجَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ.

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (إسماعيل بن خليل) وللأصيلي وابن عساكر الخليل باللام للمح الصفة كالحرث والعباس الكوفي الخزاز بالخاء والزايين المعجمات وأولى الزايين مشددة. قال البخاري: جاءنا نعيه سنة خمس وعشرين ومائتين. (قال: أخبرنا علي بن مسهر) بضم الميم وسكون السين المهملة وكسر الهاء آخره راء القرشي الكوفي، المتوفى سنة تسع وثمانين ومائة (قال: أخبرنا أبو إسحاق) سليمان بن فيروز التابعي، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة (وهو الشيباني) بفتح الشين المعجمة وإنما قال هو لينبّه على أنه من قوله لا من قول الراوي عن أبي إسحاق (عن عبد الرحمن بن الأسود) التابعي، المتوفى سنة تسع وتسعين (عن أبيه) الأسود بن يزيد (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت):

(كانت إحدانا) أي إحدى زوجاته عليه الصلاة والسلام (إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله)

وللأصيلي النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يباشرها) بملاقاة البشرة للبشرة من غير جماع (أمرها أن تتّزر) بتشديد المثناة الفوقية وللكشميهني أن تأتزر بهمزة ساكنة وهي أفصح. وقال في المصابيح على القياس (في فور) بفتح الفاء وسكون الواو آخره راء أي في ابتداء (حيضتها) قبل أن يطول زمنها، وفي سنن أبي داود فوح بالحاء المهملة (ثم يباشرها) بملامسة بشرته لبشرتها. (قالت) عائشة: (وأيكم يملك إربه) بكسر الهمزة وسكون الراء ثم موحدة. ورواة أبو ذر فيما حكاه في اللامع بفتح الهمزة والراء، وصوبه الخطابي والنحاس، وعزاه ابن الأثير لرواية أكثر المحدثين ومعناه أضبطكم لشهوته أو عضوه الذي يستمتع به (كما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-ويملك إربه) فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره من أن يحوم حول الحمى، وكان يباشر فوق الإزار تشريعًا لغيره ممن ليس بمعصوم، وبه استدل الجمهور على تحريم الاستمتاع بما بين سرتها وركبتها بوطء أو غيره، وفي الترمذي وحسنه أنه سئل عما يحل من الحائض فقال: ما وراء الإزار وهو الجاري على قاعدة المالكية في سد الذرائع، وذهب كثير من العلماء إلى أن الممنوع هو الوطء دون غيره، واختاره النووي في التحقيق وغيره وقال به محمد بن الحسن من الحنفية، ورجحه الطحاوي واختاره أصبغ من المالكية لخبر مسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح فجعلوه مخصصًا لحديث الترمذي السابق، وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعًا بين الأدلة، وعند أبي داود بإسناد قوي حديث أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد من الحائض ألقى على فرجها ثوبًا، واستحسن في المجموع وجهًا ثالثًا أنه إن وثق بترك الوطء لورع أو قلة شهوة جاز الاستمتاع وإلاّ فلا. قال في التحقيق وغيره: فلو وطئ عامدًا عالمًا بالتحريم أو الحيض مختارًا فقد ارتكب كبيرة فيتوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015