يستقيم إذا قيل: أيها القادر المتمكن من الشهوة إن حصلت لك مؤن النكاح فتزوّج وإلاّ فصم ولذا خصّ الشباب (فإنه) أي التزوّج (أغض للبصر) لأن بعد حصول التزويج يضعف فيكون أغض وأحصن مما لم يكن لأن وقوع الفعل مع ضعف الداعي أندر من وقوعه مع وجود الداعي وهو أفعل تفضيل بمعنى غاض أو التفضيل على بابه من غض طرفه إذا خفضه وأغمضه وكل شيء كففته فقد غضضته والمراد بالبصر هنا الطرف المشتمل عليه لأنه الذي يضاف إليه الغض حقيقة وللنسائي فإنه أغض للطرف فصرح به (وأحصن) أي أعف (للفرج)، ولم يرد به أفعل التفضيل لأنه لا يكون من رباعي كما نبه عليه ابن فرحون واللام في للبصر وللفرج للتعدية كما قرروه في أفعل التعجب نحو: ما أضرب زيدًا لعمرو ولا فرق بين البابين قاله في العدّة ولم يقل في الرواية السابقة فإنه إلى آخره وهي ثابتة عند جميع من أخرج الحديث من طرق الأعمش بهذا الإسناد.

قال في الفتح: ويغلب على ظني أن حذفها من قبل حفص بن غياث شيخ البخاري وإنما آثر البخاري روايته على رواية غيره لوقوع التصريح فيها من الأعمش بالتحديث فاغتفر له اختصار المتن لهذه المصلحة انتهى.

(ومن لم يستطع فعليه بالصوم) ذهب ابن عصفور إلى أن الباء زائدة في المبتدأ والتقدير فعليه الصوم وضعف باقتضائه حينئذٍ الوجوب لأن ذلك ظاهر في هذه الصيغة ولا قائل به (فإنه) أي الصوم (له وِجاء). وعند ابن حبان زيادة وهي: وهو الإخصاء وهي مدرجة لم تقع إلا في طريق زيد بن أبي أنيسة وفي تفسير الوِجاء بالإخصاء نظر لأن الوِجاء كما مر رضّ الأُنثيين والإخصاء سلّهما فيحمل على المجاز والمسامحة لتقاربهما في المعنى.

4 - باب كَثْرَةِ النِّسَاءِ

(باب كثرة النساء) لمن قدر على العدل بينهن.

5067 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلاَ تُزَعْزِعُوهَا وَلاَ تُزَلْزِلُوهَا وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِسْعٌ كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ وَلاَ يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ.

وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) الفراء الصغير قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) أبو عبد الرحمن قاضي صنعاء (أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (أخبرهم قال: أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (قال: حضرنا مع ابن عباس) -رضي الله عنهما- (جنازة ميمونة) أم المؤمنين بنت الحارث الهلالية (بسرف) بفتح السين وكسر الراء المهملتين بعدها فاء موضع بينه وبين مكة اثنا عشر ميلًا وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنى بها فيه وعند ابن سعد بإسناد صحيح عن يزيد بن الأصم قال: دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى بها فيها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال ابن عباس: هذه زوجة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا رفعتم نعشها) بالعين المهملة والشين المعجمة سريرها الذي وضعت عليه وهي ميتة (فلا تزعزعوها) بزايين معجمتين وعينين مهملتين (ولا تزلزلوها) أي لا تحركوها حركة شديدة بل سيروا بها سيرًا وسطًا معتدلًا فإن حرمتها بعد موتها باقية كحرمتها في حياتها وللحموي فلا تزعجوها بدل تزعزعوها (وارفقوا) أي بها (فإنه كان عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عند موته (تسع) من الزوجات في عصمته: سودة بنت زمعة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وأم حبيبة، وجويرية، وصفية، وميمونة. (كان يقسم لثمان) منهن في المبيت عندهن (ولا يقسم لواحدة) منهن وهي سودة وهبت ليلتها لعائشة.

ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، ووجه تعليل ابن عباس الرفق بميمونة بأنه كان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة التنبيه على مكانة ميمونة من وجهين كونها زوجته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنها كانت عنده غير مرغوب عنها لأنها كانت من اللاتي يقسم لهن -رضي الله عنه- وقد كانت سودة آخر أمهات المؤمنين موتًا.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في النكاح والنسائي فيه وفي عِشرة النساء.

5068 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ. وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) الحناط أبو معاوية البصري قال: (حدّثنا سعيد) بكسر العين ابن أبي عروبة مهران اليشكري البصري (عن قتادة) بن دعامة السدوسي (عن أنس رضي الله عنه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يتطوف على نسائه) أي يجامعهن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015