والشك من الراوي، وللكشميهني ضرب بيده الأرض، فيحتمل أن تكون الأولى من باب القلب كقولهم: أدخلت القلنسوة في رأسي أي أدخلت رأسي في القلنسوة، ويحتمل أن يكون الفعل متضمنًا غير معناه، لأن المراد تعفير اليد بالتراب فكأنه قال: فعفر يده بالأرض، (ثم مضمض) وللهروي والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر تمضمض (واستنشق وغسل وجهه وذراعيه) أي ساعديه مع مرفقيه (ثم أفاض) أي أفرغ (على رأسه الماء ثم غسل جسده) أي ما بقي منه بعد ما تقدم، قال ابن المنير: قرينة الحال والعرف من سياق الكلام تخصّ أعضاء الوضوء وذكر الجسد بعد ذكر الأعضاء المعينة يفهم عرفًا بقية الجسد لا جملته لأن الأصل عدم التكرار، (ثم تنحى فغسل رجليه قالت) أي ميمونة وللأصيلي عائشة ولا يخفى غلطه (فأتيته بخرقة) أي ليتنشف بها (فلم يردها) بضم المثناة التحتية وكسر الراء وسكون الدال من الإرادة، وعند ابن السكن من الردّ بالتشديد وهو وهم كما قاله صاحب المطالع، ويدل له الرواية الآتية إن شاء الله تعالى فلم يأخذها (فجعل ينفض) زاد الهروي الماء (بيده) بياء الجر وللأصيلي يده. ورواة هذا الحديث سبعة وفيه التحديث والإخبار والعنعنة.

17 - باب إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ جُنُبٌ يَخْرُجُ كَمَا هُوَ وَلاَ يَتَيَمَّمُ

هذا (باب) بالتنوين (إذا ذكر) أي تذكر الرجل وهو (في السجد) قاله الحافظ ابن حجر، وتعقبه العيني بأن ذكر هنا من الباب الذي مصدره الذكر بضم الذال لا من الذي بكسرها. قال: وهذه دقة لا يفهمها إلا من له ذوق بنكات الكلام، قال: ولو ذاق ما ذكرنا ما احتاج إلى تفسير فعل بتفعل (أنّه جنب يخرج) كذا لأبي ذر وكريمة وللأصيلي وابن عساكر خرج (كما هو) أي على هيئته وحاله جنبًا (ولا يتيمم) عملاً بما نقل عن الثوري وإسحاق وبعض المالكية فيمن نام في المسجد فاحتلم يتيمم قبل أن يخرج، ولأبي حنيفة أن الجنب السافر يمرّ على مسجد فيه عين ماء يتيمم ويدخل السجد فيستقي ثم يخرج الماء من المسجد.

275 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلاَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ فَقَالَ لَنَا: «مَكَانَكُمْ». ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ.

تَابَعَهُ عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَرَوَاهُ الأَوْزَاعِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ. [الحديث 275 - طرفاه في: 639، 640].

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) الجعفي المسندي (قال: حدّثنا عثمان بن عمر) بضم العين ابن فارس البصري (قال أخبرنا يونس) بن يزيد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال): (أقيمت الصلاة وعدّلت) أي سوّيت (الصفوف قيامًا) جمع قائم منصوب على الحال من مقدّر أي وعدل القوم الصفوف حال كونهم قائمين أو منصوب على التمييز لأنه مفسر لما في قوله: وعدّلت الصفوف من الإبهام أي سوّيت الصفوف من حيث القيام، (فخرج إلينا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما قام في مصلاه) بضم الميم أي موضع صلاته (ذكر) بقلبه قبل أن يكبر ويدخل في الصلاة (أنّه جنب) وإنما فهم أبو هريرة ذلك بالقرائن، لأن الذكر باطني لا يطلع عليه (فقال) عليه الصلاة والسلام (لنا) وفي رواية الإسماعيلي فأشار بيده فيحتمل أن يكون جمع بينهما (مكانكم) بالنصب أي الزموه (ثم رجع) إلى الحجرة (فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه) أي والحال أن رأسه (يقطر) من ماء الغسل، ونسبة القطر إلى الرأس مجاز من باب ذكر المحل وإرادة الحال (فكبَّر) مكتفيًا بالإقامة السابقة كما هو ظاهر من تعقيبه بالفاء وهو حجة لقول الجمهور: إن الفصل جائز بينها وبين الصلاة بالكلام مطلقًا وبالفعل إذا كان لمصلحة الصلاة، وقيل: يمتنع فيؤوّل فكبّر أي مع رعاية ما هو وظيفة للصلاة كالإقامة، أو يؤوّل قوله أوّلاً أقيمت بغير الإقامة الاصطلاحية (فصلينا معه) ورواة هذا الحديث الستة ما بين

بصري وأيلي ومدني، وفي التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا ومسلم في الصلاة وأبو داود في الطهارة والصلاة والنسائي في الطهارة.

(تابعه) الضمير لعثمان أي تابع عثمان بن عمر السابق قريبًا (عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي بالمهملة البصري (عن معمر) بن راشد بفتح الميم (عن الزهري) محمد بن مسلم، وهذه متابعة ناقصة لكن وصلها أحمد عن عبد الأعلى.

(ورواه) أي الحديث عبد الرحمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015