والصورة نحو البُخْل والبَخَل ويحسب بوجهين أو بتغير في المعنى فقط نحو: {فتلقى آدم من ربه كلمات} [البقرة: 37] وادّكر بعد أمه وأمة، وأما في الحروف بتغير المعنى لا الصورة نحو: تبلو وتتلو وننجيك ببدنك وننجيك ببدنك أو عكس ذلك نحو: بسطة بصطة أو بتغيرهما نحو: أشد منكم ومنهم ويأتل ويتأل وفامضوا إلى ذكر الله، وأما في التقديم والتأخير نحو: فيقتلون ويقتلون، وجاءت
سكرة الحق بالموت أو في الزيادة والنقصان نحو؛ أوصى ووصى والذكر والأنثى وأما نحو اختلاف الإظهار والإدغام مما يعبر عنه بالأصول فليس من الاختلاف الذي يتنوّع فيه اللفظ أو المعنى لأن هذه الصفات في أدائه لا تخرجه عن أن يكون لفظًا واحدًا ولئن فرض فيكون من الأول انتهى.
وحديث الباب مضى في كتاب الخصومات.
(باب تأليف القرآن) أي جمع آيات السورة أو جمع السور مرتبة.
4993 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ قَالَ: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ -رضي الله عنها- إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ، فَقَالَ: أَيُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ؟ قَالَتْ: وَيْحَكَ وَمَا يَضُرُّكَ، قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرِينِي مُصْحَفَكِ، قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ قَالَتْ: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ لاَ تَشْرَبُوا الْخَمْرَ لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا. وَلَوْ نَزَلَ لاَ تَزْنُوا لَقَالُوا لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا، لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46]. وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلاَّ وَأَنَا عِنْدَهُ. قَالَ: فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ، فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ.
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي الوقت حدّثني بالإفراد (إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: (أخبرنا هشام بن يوسف) قاضي صنعاء (أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (أخبرهم قال): أخبرني فلان بكذا (وأخبرني يوسف بن ماهك) بفتح الهاء وكسرها يصرف ولا يصرف للعجمة والعلمية فالعطف على مقدّر وقال ابن حجر وما عرفت عليه ثم رأيت الواو ساقطة من رواية النسفيّ (قال: إني عند عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- إذ جاءها) رجل (عراقي) لم يعرف الجاحظ ابن حجر اسمه (فقال) لها (أيّ الكفن خير)؟ الأبيض أو غيره (قالت: ويحك) كلمة ترحم (وما) أي أيّ شيء (يضرك)؟ بعد موتك في أيّ كفن كفنت (قال: يا أم المؤمنين أرينى مصحفك. قالت: لم)؟ أريكه (قال: لعلى أؤلف القرآن عليه فإنه يقرأ غير مؤلف).
قال في الفتح: الظاهر لي أن هذا العراقي كان ممن يأخذ بقراءة ابن مسعود وكان ابن مسعود لما حضر مصحف عثمان إلى الكوفة لم يرجع عن قراءته ولا على إعدام مصحفه فكان تأليف مصحفه مغايرًا لتأليف عثمان، ولا ريب أن تأليف المصحف العثماني أكثر مناسبة من غيره فلهذا أطلق العراقي أنه غير مؤلف وهذا كله على أن السؤال إنما وقع عن ترتيب السور، ولذا (قالت)
له عائشة (وما يضرك)؟ بضم الضاد المعجمة والراء المشددة من الضرر ولأبوي ذر والوقت والأصيلي بكسر الصاد بعدها تحتية ساكنة من الضير (أيه) بفتح الهمزة والتحتية المشددة بعدها هاء مضمومة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أية بفوقية بدل الهاء منوّنة (قرأت قبل) أي قبل قراءة السورة الأخرى (إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار) سورة {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] إذ ذاك لازم من قوله فيها إن كذب وتولى وسندع الزبانية أو المدثر وذكرهما صريح فيها في قوله وما أدراك ما سقر وفي جنات يتساءلون لكن الذي نزل أولًا من سورة اقرأ خمس آيات فقط أو المراد بالأولية بعد الفترة وهي المدثر فلعل آخرها نزل قبل نزول بقية اقرأ أو بتقدير من أي من أول ما نزل (حتى إذا ثاب) بالمثلثة والموحدة بينهما ألف أي رجع (الناس إلى الإسلام) واطمأنت نفوسهم عليه وتيقنوا أن الجنة للمطيع والنار للعاصي (نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدًا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدًا) وذلك لما طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك المألوف فاقتضت الحكمة الإلهية ترتيب النزول على ما ذكر (لقد نزل بمكة على محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإني لجارية) صغيرة (ألعب: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}) [القمر: 46] من سورة القمر التي ليس فيها ذكر شيء من الأحكام (وما نزلت سورة البقرة والنساء) المشتملتان على الأحكام من الحلال والحرام ({إلا وأنا عنده}) بعد الهجرة بالمدينة وأرادت بذلك تأخر نزول الأحكام وسقط لأبي ذر سورة فالبقرة ومعطوفها مرفوعان.
(قال: فأخرجت له) أي للعراقي: (المصحف فأملت) بسكون الميم وتخفيف اللام وبتشديدها مع فتح الميم في اليونينية بتشديد الميم فليحرر (عليه آي السورة) ولأبي ذر