خبر مبتدأ وهو وهن، وحكوا عن الأصيلي أنه قال: وقع في نسختي شعبة بدل سعيد. قال: وفي عرضنا على أبي زيد بمكة سعيد قال أبو علي الجياني وهو الصواب، ورواية شعبة هذه عن قتادة وصلها أحمد.
(باب غسل المذي) بفتح الميم وسكون المعجمة وتخفيف المثناة التحتية وبكسرها مع تشديد المثناة وهو ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته، (والوضوء منه).
269 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً، فَأَمَرْتُ رَجُلاً أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-لِمَكَانِ ابْنَتِهِ- فَسَأَلَ، فَقَالَ: «تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ».
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام الطيالسي (قال: حدّثنا زائدة) بن قدامة بضم أوّله وتخفيف ثانية المهمل الثقفي الكوفي، المتوفى سنة ستين ومائة (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم الكوفي التابعي (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن حبيب ربيعة بفتح الموحدة وتشديد التحتية السلمي بضم السين وفتح اللام مقرئ الكوفة أحد أعلام التابعين، المتوفى سنة خمس ومائة وصام ثمانين رمضان، (عن علي) هو ابن أبي طالب رضي الله عنه (قال: كنت رجلاً مذاء) صفة لرجل، ولو قال كنت مذاء صحّ إلا أن ذكر الموصوف مع صفته يكون لتعظيمه نحو: رأيت رجلاً صالحًا، أو لتحقيقه نحو: رأيت رجلاً فاسقًا، ولما كان المذي يغلب على الأقوياء
الأصحاء حسن ذكر الرجولية معه لأنه يدل على معناها، وراعى في مذاء الثاني وهو كسر الذال. قال ابن فرحون: وهو خلاف الأشهر عندهم لأن كان تدخل على المبتدأ والخبر فرجلاً خبر وضمير المتكلم هو المبتدأ في المعنى، فلو راعاه لقال: كنت رجلاً أمذى، ومثل هذا قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ} [البقرة: 186] فراعى الضمير في إني، ولو راعى قريب لقال يجيب. قال أبو حيان: ومن اعتبار الأوّل قوله: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُون} [النمل: 47] {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون} [النمل: 55] ومن اعتبار الثاني قوله: أنا رجل يأمر بالمعروف وأنت امرؤ يأمر بالخير اهـ.
وزاد أحمد: فإذا أمذيت اغتسلت ولأبي داود: فجعلت أغتسل حتى يتشقق ظهري، وزاد في الرواية السابقة في باب الوضوء من المخرجين من وجه آخر فأحببت أن أسأل. (فأمرت رجلاً) هو
المقداد بن الأسود كما فى الحديث السابق (يسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمكان ابنته) فاطمة بسبب كونها تحته (فسأل) وللحموي والسرخسي فسأله بالهاء، وعند الطحاوي من حديث رافع بن خديج أن عليًّا أمر عمارًا أن يسأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن المذي. قال: يغسل مذاكيره أي ذكره، وعنده أيضًا عن علي قال: كنت مذاء وكنت إذا أمذيت اغتسلت فسألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو عند الترمذي عنه بلفظ: سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن المذي، وجمع ابن حبان بينهما بأن عليًّا سأل عمارًا ثم أمر المقداد بذلك ثم سأل بنفسه، لكن صحح ابن بشكوال أن الذي سأل هو المقداد، وعورض بأنه يحتاج إلى برهان، وقد دل ما ذكر في الأحاديث السابقة أن كلاًّ منهما قد سأل، وأن عليًّا كذلك سأل، لكن يعكر عليه أنه استحيا أن يسأل بنفسه لأجل فاطمة فيتعين الحمل على المجاز بأن الراوي أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك.
(فقال) عليه الصلاة والسلام: (توضأ واغسل ذكرك) أي ما أصابه من الذي كالبول، ويؤيده ما في رواية أغسله أي المذي، وكذلك رواية فرجه، والفرج: المخرج، وهذا مذهب الشافعي والجمهور. وأخرجه ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: إذا أمذى الرجل غسل الحشفة وتوضأ وضوءه للصلاة، واحتجوا لذلك بأن الموجب لغسله إنما هو خروج الخارج فلا تجب المجاوزة إلى غير محله، وفي رواية عن مالك وأحمد يغسل ذكره كله لظاهر الإطلاق في قوله: اغسل ذكرك، وهل غسله كله معقول المعنى أو للتعبد؟ وأبدى الطحاوي له حكمة وهي: أنه إذا غسل الذكر كله تقلص فبطل خروج المذي كما في الضرع إذا غسل بالماء البارد يتفرّق اللبن إلى داخل الضرع فينقطع خروجه، وعلى القول بأنه للتعبد تجب النيّة. واستدل به ابن دقيق العيد على تعين الماء فيه دون الأحجار ونحوها لأن ظاهره تعين الغسل والمعين لا يقع الامتثال إلا به، وصححه النووي في شرح مسلم وصحح في غيره جواز الاقتصار على