على إرادة التنوين فحذف لالتقاء الساكنين فبقي الله منصوبًا لا مجرورًا للإضافة وذاكر جرّ

عطفًا على مستعتب أي ذكرته ما كان بيننا من المودة فوجدته غير راجع بالعتاب من قبح ما فعل والحمد هو التنوين وكسره لالتقاء الساكنين (أي واحد) يريد أن أحدًا واحدًا بمعنى وأصل أحد وحد بفتحتين قال:

كأن رحلي وقد زال النهار بنا ... بذي الجليل على مستأنس وحد

فأبدلت الواو همزة وأكثر ما يكون في المكسورة والمضمومة كوجوه ووسادة وقيل ليسا مترادفين. قال في شرح المشكاة والفرق بينهما من حيث اللفظ من وجوه.

الأول: أن أحدًا لا يستعمل في الإثبات على غير الله تعالى فيقال: الله أحد ولا يقال زيد أحد كما يقال زيد واحد وكأنه بني لنفي ما يذكر معه من العدد.

الثاني: أن نفيه يعم ونفي الواحد قد لا يعم ولذلك صح أن يقال ليس في الدار واحد بل فيها اثنان ولا يصح ذلك في أحد ولذلك قال الله تعالى: {لستن كأحد من النساء} [الأحزاب: 32] ولم يقل كواحدة.

الثالث: أن الواحد يفتح به العدد ولا كذلك الأحد.

الرابع: أن الواحد تلحقه التاء بخلاف الأحد.

ومن حيث المعنى أيضًا وجوه:

الأول: أن أحدًا من حيث الثناء أبلغ من واحد كأنه من الصفات المشبهة التي بنيت لمعنى الثبات ويشهد له الفروق اللفظية المذكورة.

الثاني: أن الوحدة تطلق ويراد بها عدم التثني والنظير كوحدة الشمس والواحد يكثر إطلاقه بالمعنى الأول والأحد يغلب استعماله في الثاني ولذلك لا يجمع. قال الأزهري: سئل أحمد بن يحيى عن الآحاد أنه جمع أحد فقال: معاذ الله ليس للأحد جمع ولا يبعد أن يقال جمع واحد كالأشهاد في جمع شاهد ولا يفتح به الأحد.

الثالث: ما ذكره بعض المتكلمين في صفات الله تعالى خاصة وهو أن الواحد باعتبار الذات والأحد باعتبار الصفات وحظ العبد أن يغوص لجة التوحيد وشمتغرق فيه حتى لا يرى من الأزل إلى الأبد غير الواحد الصمد.

قال الشيخ أبو بكر بن فورك: الواحد في وصفه تعالى له ثلاثة معان. أحدها: أنه لا قسم لذاته وأنه غير متبعض ولا متحيز. والثاني: أنه لا شبيه له والعرب تقول فلان واحد في عصره أي لا شبيه له. والثالث: أنه واحد على معنى أنه لا شريك له في أفعاله يقال فلان متوحد في هذا الأمر أي ليس يشركه فيه أحد اهـ.

والضمير في "هو" فيه وجهان:

أحدهما: أنه يعود على ما يفهم من السياق فإنه جاء في سبب نزولها عن أبيّ بن كعب أن المشركين قالوا للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- انسب لنا ربك فنزلت. رواه الترمذي والطبري والأول من وجه آخر مرسلًا وقال: هذا أصح وصحح الموصول ابن خزيمة والحاكم وحينئذ فجوز أن يكون الله مبتدأ واحد خبره والجملة خبر الأول ويجوز أن يكون الله بدلًا واحد الخبر وأن يكون الله خبرًا أول واحد خبرًا ثانيًا وأن يكون أحد خبر مبتدأ محذوف أي هو أحد.

والثاني: أنه ضمير الشأن لأنه موضع تعظيم والجملة بعده خبره مفسرة ولم يثبت لفظ الأحد في جامع الترمذي والدعوات للبيهقي نعم ثبت اللفظان في جامع الأصول.

1 - باب

4974 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ. وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْوًا أَحَدٌ».

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (شعيب) هو ابن أبي حمزة قال: (حدّثنا أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(قال الله تعالى: كذبني ابن آدم) بتشديد الذال المعجمة أي بعض بني آدم وهم من أنكر البعث (ولم يكن له ذلك) التكذيب (وشتمني ولم يكن له ذلك) الشتم (فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعبدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته وأما شتمه إيّاي فقوله اتخذ الله ولدًا) وإنما كان شتمًا لما فيه من التنقيص لأن الولد إنما يكون عن والد يحمله ثم يضعه ويستلزم ذلك سبق نكاح والناكح يستدعي باعثًا له على ذلك والله تعالى منزّه عن ذلك (وأنا الأحد الصمد) فعل بمعنى مفعول كالقنص والنقص (لم ألد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015