ذر فما ربت بكسر الراء وسكون الموحدة (أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم) مني مثل ما رأى هو مني من العلم. وعند ابن سعد فقال: أما إني سأريكم اليوم ما تعرفون به فضيلته ثم (قال) لهم: (ما تقولون في قوله تعالى) ولأبي ذر: عز وجل بدل قوله تعالى: ({إذا جاء نصر الله والفتح} فقال بعضهم: أمرنا نحمد) ولأبي ذر: أن نحمد (الله ونستغفره إذا نصرنا) بضم النون على عدونا (وفتح علينا) وفي الباب السابق قالوا: فتح المدائن والقصور (وسكت بعضهم فلم يقل شيئًا فقال) عمر (لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلمه له) ولأبي ذر علمه بتشديد اللام وإسقاط الهمزة (قال: {إذا جاء نصر الله والفتح} وذلك علامة أجلك). وعند ابن سعد فهو آيتك في الموت {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا} [النصر: 3] لأن الأمر بالاستغفار يدل على دنوّ الأجل وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد نزولها يكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه. (فقال عمر) لابن عباس -رضي الله عنهما-: (ما أعلم منها إلا ما تقول) زاد أحمد فقال عمر: فكيف تلومونني على حب ما ترون؟
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). {تَبَابٌ}: خُسْرَانٌ. {تَتْبِيبٌ}: تَدْمِيرٌ.
([111] سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ})
مكية وآيها خمس وسقط قوله وتب لأبي ذر وثبت له سورة وأسند الفعل لليدين في قوله: ({تبت يدا أبي لهب وتب}) [المسد: 1] مجازًا لأن أكثر الأفعال تزاول بهما وإن كان المراد جملة المدعوّ عليه وقوله تبت دعاء وتب إخبار أي وقد وقع ما دعي عليه به أو كلاهما دعاء، ويكون في هذا شبه من مجيء العام بعد الخاص لأن اليدين بعض وإن كان حقيقة اليدين غير مرادة قاله في الدر.
وقال الإمام: يجوز أن يراد بالأول هلاك عمله، وبالثاني هلاك نفسه ووجهه أن المرء إنما يسعى لمصلحة نفسه وعمله فأخبر الله تعالى أنه محروم من الأمرين ويوضحه أن قوله: {ما أغنى عنه ماله وما كسب} [المسد: 2] إشارة إلى هلاك عمله، وقوله: {سيصلى نارًا ذات لهب} [المسد: 3] إشارة إلى هلاك نفسه.
(بسم الله الرحمن الرحيم) كذا لأبي ذر وسقطت لغيره.
({تباب}) في قوله عز وجل: {وما كيد فرعون إلا في تباب} [فاطر: 37] (خسران).
({تتبيب}) في قوله تعالى: {وما زادوهم غير تتبيب} [هود: 101] (تدمير).
1 - باب
4971 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ. خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا فَهَتَفَ، «يَا صَبَاحَاهْ» فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ، أَنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ»؟ قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا. قَالَ: «فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ». قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا؟ ثُمَّ قَامَ. فَنَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} وَقَدْ تَبَّ. هَكَذَا قَرَأَهَا الأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ.
وبه قال: (حدّثنا يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدثنا عمرو بن مرة) بفتح العين ومرة بضم الميم وتشديد الراء ابن عبد الله الجملي الكوفي (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين}) [الشعراء: 214] (ورهطك منهم المخلصين) تفسير لقوله عشيرتك أو قراءة شاذة قرأها ابن عباس ثم نسخت تلاوتها (خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى صعد الصفا) بكسر عين صعد (فهتف) أي صاح:
(يا صباحاه) بسكون الهاء في اليونينية كلمة يقولها المستغيث وأصلها إذا صاحوا للغارة لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون في الصباح وكأن القائل يا صباحاه يقول قد غشينا الصباح فتأهبوا للعدوّ (فقالوا): يعني قريشًا (من هذا)؟ أي فقيل: هذا محمد (فاجتمعوا إليه فقال) لهم: (أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلًا) أي عسكرًا (تخرج من سفح هذا الجبل) أسفله حيث يسفح فيه الماء (أكنتم مصدقي) أصله مصدقين لي سقطت النون لإضافته إلى ياء المتكلم وأدغمت ياء الجمع في ياء المتكلم (قالوا: ما جربنا عليك كذبًا قال: فإني نذير) منذر (لكم بين يدي عذاب شديد. قال أبو لهب) لعنه الله: (تبًّا لك) نصب على المصدر بإضمار فعل أي ألزمك الله هلاكًا وخسرانًا (ما جمعتنا إلا لهذا) ولأبي ذر عن المستملي ألهذا جمعتنا؟ (ثم قام) صلوات الله وسلامه عليه (فنزلت: ({تبت يدا أبي لهب وتب}) [المسد: 1] سقط وتب لأبي ذر (وقد تب هكذا قرأها الأعمش يومئذ) وهي تؤيد أنها إخبار بوقوع ما دعي به عليه ولم يدرك ابن