الميم وبفتحها وسكون العين المهملة وفتح الواو، المتوفى سنة تسع وعشرين ومائة (عن أبي بردة) بضم الموحدة عامر بن أبي موسى (عن أبيه) أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه (قال):
(أتيت النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فوجدته يستن بسواك) كان (بيده) جملة في موضع نصب مفعول ثانٍ لوجدته
حال كونه (يقول) أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجازًا (أع أع) بضم الهمزة والعين مهملة موضعه نصب على أنه مقول القول، وذكر ابن التين أن في رواية غير أبي ذر بفتح الهمزة، وفي هامش فرع اليونينية ما نصه عند الحافظ أبي القاسم أي ابن عساكر في أصله: أغ أغ بغين معجمة قال وفي نسخة العين المهملة اهـ.
ورواه ابن خزيمة والنسائي عن أحمد بن عبدة عن حماد بتقديم العين المهملة على الهمزة، وكذا أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل القاضي عن عارم شيخ المؤلف فيه، وفي صحيح الجوزقي إخ إخ بكسر الهمزة وبالخاء المعجمة، وإنما اختلف الرواة الثقات لتقارب مخارج هذه الأحرف وكلها ترجع إلى حكاية صوته عليه الصلاة والسلام إذ جعل السواك على طرف لسانه كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل كما عند أحمد ليستن إلى فوق، ولذا قال هنا: (والسواك في فيه كأنه يتهوع) أي يتقيأ يقال هاع يهوع إذا قاء بلا تكلف يعني أن له صوتًا كصوت المتقيئ على سبيل البالغة، ويفهم منه السواك
على اللسان طولاً، أما الأسنان فالأحب أن يكون عرضًا لحديث "إذا استكتم فاستاكوا عرضًا" رواه أبو داود في مراسيله، والمراد عرض الأسنان قال في الروضة: كره جماعات من أصحابنا الاستياك طولاً أي لأنه يجرح اللثة وهو كما مرّ من سنن الوضوء لحديث "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء" أي أمر إيجاب. رواه ابن خزيمة وغيره، وكذا من سنن الصلاة لحديث الشيخين "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أي أمر إيجاب ويستحب عند قراءة القرآن والاستيقاظ من النوم وتغير الفم، وفي كل حال إلا للصائم بعد الزوال فيكره، وقال ابن عباس: فيه عشر خصال يذهب الحفر ويجلو البصر ويشد اللثة ويطيب الفم وينقي البلغم وتفرح له الملائكة ويرضي الرب تعالى ويوافق السُّنّة ويزيد في حسنات الصلاة ويصح الجسم، وزاد الترمذي الحكيم: ويزيد الحافظ حفظًا وينبت الشعر ويصفي اللون وليبلع ريقه في أول استياكه فإنه ينفع من الجذام والبرص وكل داء سوى الموت ولا يبلغ بعده شيئًا فإنه يورث النسيان. ورواة الحديث ما بين بصري وكوفي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في الطهارة.
245 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. [الحديث 245 - طرفاه في: 889، 1136].
وبه قال: (حدّثنا عثمان) زاد الأصيلي وابن عساكر وأبو الوقت ابن أبي شيبة وهو أخو أبي بكر بن أبي شيبة (قال: حدّثنا جرير) أي ابن عبد الحميد (عن منصور) أي ابن المعتمر (عن أبي وائل) بالهمزة شقيق الحضرمي (عن حذيفة) بن اليمان رضي الله عنه (قال):
(كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قام من الليل يشوص) بالشين المعجمة والصاد المهملة أي يدلك أو يغسل أو يحك (فاه بالسواك) لأن النوم يقتضي تغيير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة، والسواك آلة تنظيفه فيستحب عند مقتضاه. وقوله: إذا قام ظاهره يقتضي تعليق الحكم بمجرد القيام ولفظة كان تدل على المداومة والاستمرار.
ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون إلا حذيفة فعراقي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الصلاة وفي فضل قيام الليل، ومسلم وأبو داود وابن ماجة في الطهارة والنسائي فيها وفي الطهارة.
(باب دفع السواك إلى الأكبر) سنًا.
246 - وَقَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ، فَجَاءَنِي رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي:
كَبِّرْ. فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ مِنْهُمَا». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
(وقال عفان) بن مسلم الصفارَ البصري الأنصاري، المتوفى ببغداد سنة عشرين ومائتين مما وصله أبو عوانة وأبو نعيم والبيهقي (حدّثنا صخر بن جويرية) بالجيم المضمومة تصغير جارية البصري التميمي (عن نافع) مولى ابن عمر القرشي العدوي (عن ابن عمر) رضي الله عنهما (أنّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(أراني أتسوّك بسواك) بفتح همزة أراني للأصيلي أي أرى نفسي فالفاعل والمفعول المتكلم، وهذا من خصائص أفعال القلوب وبضمها لغيره أي أظن نفسي كذا ضبطها البرماوي كالكرماني ووهمه