بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ آسْمانِ مِنَ الرَّحْمَةِ، الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ كَالعَلِيمِ وَالْعَالِمِ.
كذا لأبي ذر ولغيره، ولأبي الوقت: كتاب تفسير القرآن بسم الله الرحمن الرحيم، ولغيرهما كتاب التفسير بسم الله الرحمن الرحيم فأخّر البسملة وعرّف التفسير وحذف المضاف إليه.
والتفسير: هو البيان، وهل التفسير والتأويل بمعنى؟ فقيل: التفسير بيان المراد باللفظ، والتأويل بيان المراد بالمعنى. وقال قوم منهم أبو عبيد: هما بمعنى، وقال أبو العباس الأزدي: النظر في القرآن من وجهين.
الأوّل من حيث هو منقول وهي جملة التفسير وطريقه الرواية والنقل.
والثاني من حيث هو معقول وهي جملة التأويل وطريقه الدراية والعقل. قال الله تعالى: {إنا جعلناه قرآنًا عربيًّا لعلكم تعقلون} [الزخرف: 3] فلا بدّ من معرفة اللسان العربي في فهم القرآن العربي، فيعرف الطالب الكلمة وشرح لغتها وإعرابها، ثم يتغلغل في معرفة المعاني ظاهرًا وباطنًا فيوفي لكل منها حقه.
وقال غيره: التفسير علم يعرف به فهم كتاب الله تعالى المنزل وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم النحو واللغة والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراآت، ويحتاج إلى معرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، وذكر القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب قانون التأويل: أن علوم القرآن خمسون علمًا وأربعمائة وسبعة آلاف علم وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن مضروبة في أربعة. قال بعض السلف: إن لكل كلمة باطنًا وظاهرًا وحدًّا ومقطعًا، وهذا مطلق دون اعتبار تراكيبه وما بينها من روابط، وهذا مما لا يحصى ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى انتهى وحذفت الألف من بسم الله بعد الباء تنبيهًا على شدة المصاحبة والاتصال بذكر الله.
(الرحمن الرحيم: اسمان) مشتقان (من الرحمة). وزعم بعضهم أنه غير مشتق لقولهم: وما الرحمن؟ وأجيب بأنهم جهلوا الصفة لا الموصوف، ولذا لم يقولوا ومن الرحمن؟ وقول المبرد فيما حكاه ابن الأنباري في الزاهر الرحمن اسم عبراني ليس بعرني قول مرغوب عنه، والدليل على اشتقاقه ما صححه الترمذي من حديث