عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (من الدنيا وأول يوم) من أيامه (من الآخرة). وفي حديث خرّجه العقيلي أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها في مرض موته "ائتيني بسواك رطب فامضغيه ثم ائتيني به أمضعه لكي يختلط ريقي بريقك لكي يهوّن علي عند الموت".
4452 و 4453 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه-: أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَتَيَمَّمَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَاللَّهِ لاَ يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (أن عائشة) -رضي الله عنها- (أخبرته أن أبا بكر -رضي الله عنه-) لما توفي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أقبل) حال كونه راكبًا (على فرس من مسكنه) أي مسكن زوجته بنت خارجة وكان عليه الصلاة والسلام أذن له في الذهاب إليها (بالسنح) بضم السين المهملة
بعدها نون ساكنة وبضمها فحاء مهملة من عوالي المدينة من منازل بني الحارث بن الخزرج (حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم) أي قصد (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو مغشّى) بضم الميم وفتح الغين والشين المشددة المعجمتين أي مغطى (بثوب حبرة) بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة وإضافة ثوب إليه وبتنوين ثوب فحبرة صفة وهو من ثياب اليمن (فكشف) الثوب (عن وجهه) الشريف (ثم أكب عليه فقبّله وبكى ثم قال): أفديك (بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين) قيل: هو على حقيقته وأشار بذلك إلى الرد على من زعم أنه سيحيا فيقطع أيدي رجال لأنه لو صح ذلك للزم أن يموت موتة أخرى، فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعهما على غيره {كالذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت} [البقرة: 243]، و {كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها} [البقرة: 259] وهذا أوضح الأجوبة وأسلمها. وقيل: أراد أن لا يموت موتة أخرى في القبر كغيره إذ يحيا ليسأل ثم يموت وهذا جواب الداودي. وقيل: كنى بالموت الثاني عن الكرب إذ لا يلقى بعد كرب هذا الموت كربًا آخر وأغرب من قال: المراد بالموتة الأخرى موت الشريعة أي لا يجمع الله عليك موتك وموت شريعتك، ويؤيد هذا القول قول أبي بكر بعد ذلك في خطبته: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت (أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها).
4454 - قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ بُنُ الْخَطَّابِ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ، فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} -إِلَى قَوْلِهِ- {الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] وَقَالَ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ فَتَلَقَّاهَا النَّاسُ مِنْهُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلاَّ يَتْلُوهَا، فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا، فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلاَيَ وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ.
(قال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب بالسند المذكور (وحدثني) بالإفراد (أبو سلمة) بن عبد الرحمن (عن عبد الله بن عباس) سقط قوله قال: الزهري وقوله عبد الله لأبي ذر (أن أبا بكر) الصديق (خرج) أي من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وعمر بن الخطاب يكلم الناس) يقول لهم: ما مات رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وعند ابن أبي شيبة أن أبا بكر مرّ بعمر وهو يقول: ما مات رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين. قال: وكانوا أظهروا الاستبشار ورفعوا رؤوسهم (فقال) أبو بكر له: (أجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس فأقبل الناس إليه) ولأبي ذر عن الكشميهني: عليه (وتركوا عمر فقال أبو بكر: أما بعد من) ولأبي ذر والأصيلي فمن (كان منكم يعبد محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
سقطت التصلية لأبي ذر (فإن محمدًا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت. قال الله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت} مضت {من قبله الرسل} إلى قوله: ({الشاكرين}) [آل عمران: 144] (وقال) ابن عباس: (والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها الناس منه كلهم فما أسمع بشرًّا من الناس إلا يتلوها).
وعند أحمد من رواية يزيد بن بابنوس بالموحدتين بينهما ألف ثم نون مضمومة فواو ساكنة فمهملة عن عائشة: أن أبا بكر حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله يقول {إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر: 3] حتى فرغ من الآية ثم تلا: {وما محمد إلا رسول} [آل عمران: 144] الآية. وقال فيه قال عمر: أو إنها في كتاب الله ما شعرت أنها في كتاب الله. وزاد ابن عمر عند ابن أبي شيبة: فاستبشر المسلمون وأخذت المنافقين الكآبة قال ابن عمر: فكأنما كانت على وجوهنا أغطية فكشفت.
قال الزهري: