بن عتبة أن عائشة وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهم-) سقط لأبي ذر لفظ عبد الله الأخير (قالا: لما نزل) بفتح النون والزاي (برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المرض (طفق يطرح خميصة) بفتح الخاء المعجمة ثوب خزأ وصوف (له على وجهه فإذا اغتم) بالغين المعجمة الساكنة أخذه نفسه من شدة الحر (كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك):
(لعنة الله) ولغير أبي ذر عن وجهه وهو يقول: لعنة الله (على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) حال كونه عليه الصلاة والسلام (يحذر ما صنعوا) من اتخاذ المساجد على القبور.
قال البيضاوي: لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيمًا لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها واتخذوها أوثانًا لعنهم ومنعهم عن مثل ذلك، وأما من اتخذ مسجدًا في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا يدخل ذلك الوعيد.
4445 - أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِي أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلاً، قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا وَلاَ كُنْتُ أُرَى أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ أَحَدٌ مَقَامَهُ إِلاَّ تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَبِي بَكْرٍ. رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو مُوسَى وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وقال الزهري بالسند السابق: (أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود (أن عائشة) -رضي الله عنها- (قالت: لقد راجعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ذلك) أي في أمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبا بكر بإمامة الصلاة (وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (رجلاً قام مقامه) عليه السلام في الصلاة بهم (أبدًا ولا) ولأبي ذر عن الكشميهني وأن لا (كنت أرى) أظن (أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس به) بالشين المعجمة أي وما حملني عليه إلا ظني بعدم محبة الناس للقائم مقامه وظني لتشاؤمهم به (فأردت أن يعدل ذلك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أبي بكر).
قال في المصابيح: وهذا ظاهر في كونه باعثًا لها على إرادة العدول بذلك عن أبي بكر -رضي الله عنه- لمكان أبوّته منها وشرف منزلته عندها وفي بعض الطرق السابقة أنها أرادت أن يكون عمر هو الذي يصلّي فانظر هذا مع علمها بما يلحقه من تشاؤم الناس والله أعلم بحقيقة الحال.
(رواه) أي الأمر بصلاة أبي بكر بالناس (ابن عمر) فيما وصله المؤلّف في باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة (وأبو موسى) عبد الله بن قيس الأشعري فيما وصله في هذا الباب (وابن عباس) فيما وصله في باب إنما جعل الإمام ليؤتم به (-رضي الله عنهم- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-).
4446 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: (حدثني) بالإفراد (ابن الهاد) هو يزيد بن عبد الله بن الهاد (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- (عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها (قالت: مات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنه) أي والحال أنه عليه الصلاة والسلام (لبين حاقنتي وذاقنتي فلا أكره شدة الموت لأحد أبدًا بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) والحاقنة: الوهدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق.
4447 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ، عَبْدُ الْعَصَا وَإِنِّي وَاللَّهِ لأُرَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَنَعَنَاهَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدثني) بالإفراد (إسحاق) بن راهويه قال: (أخبرنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة) بكسر الموحدة وسكون الشين المعجمة وحمزة بالحاء المهملة والزاي الحمصي قال: (حدثني) بالإفراد (أبي) شعيب (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري) قال الحافظ الشرف الدمياطي: انفرد البخاري عن الأئمة بهذا الإسناد، وعندي في سماع الزهري من عبد الله بن كعب بن مالك انظر اهـ.
وقد سبق في غزوة تبوك أن الزهري سمع من عبد الله وأخويه عبد الرحمن وعبيد الله ومن عبد الرحمن بن عبد الله. قال في الفتح: فلا معنى لتوقف الدمياطي فيه فإن الإسناد صحيح، وسماع الزهري من عبد الله بن كعب ثابت ولم ينفرد به شعيب.
(وكان كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تيب عليهم) لما تخلفوا عن غزوة تبوك (أن عبد الله بن عباس) سقط لفظ عبد الله لأبي ذر (أخبره أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- خرج من عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في وجعه الذي توفي فيه) ولأبي ذر: منه (فقال الناس) له: (يا أبا الحسن