تبوك) متعلق بقوله يحدث (قال كعب لم أتخلف عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب) بكسر التاء مصححًا عليها في اليونينية مرقومًا عليها علامة أبي ذر في الفرع وأصله أي لم يعاتب الله (أحدًا) ولأبي الوقت وأبي ذر: ولم يعاتب بفتح التاء مبنيًّا للمفعول أحد بالرفع (تخلف عنها) عن غزوة بدر (إنما خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى بدر (يريد عير قريش) بكسر العين الإبل التي تحمل الميرة (حتى جمع الله بينهم) أي بين المسلمين (وبين عدوّهم) كفار قريش (على غير ميعاد. ولقد شهدت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة العقبة) مع الأنصار (حين تواثقنا) بالمثناة ثم المثلثة تعاهدنا وتعاقدنا (على الإسلام) والإيواء والنصرة قبل الهجرة (وما أحب أن لي بها) أي بدلها (مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر) أي أعظم ذكرًا (في الناس منها. كان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر) أي مني كما في مسلم (حين تخلفت عنه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (في تلك الغزاة) أي في غزوة تبوك (والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يريد غزوة إلا ورّى بغيرها) بفتح الواو والراء المشددة أي أوهم غيرها والتورية أن تذكر لفظًا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيوهم إرادة القريب وهو يريد البعيد (حتى كانت تلك الغزوة) أي غزوة تبوك (غزاها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حر
شديد واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا) بفتح الميم والفاء آخره زاي فلاة لا ماء فيها (وعدوًّا كثيرًا) وذلك أن الروم قد جمعت جموعًا كثيرة وهرقل رزق أصحابه لسنة وأجلبت معه لخم وجذام وغسان وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء (فجلّى) بالجيم واللام المشددة ويجوز تخفيفها أوضح (للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم) بضم الهمزة وسكون الهاء أي ما يحتاجون إليه في السفر والحرب ولأبي ذر عن الكشميهني أهبة عدوّهم بدل غزوهم (فأخبرهم) صلوات الله وسلامه عليه (بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثير ولا يجمعهم كتاب) بالتنوين (حافظ) كذلك بالتنوين وفي مسلم بالإضافة قال: الزهري (يريد الديوان). وزاد في رواية معقل يزيدون على عشرة آلاف ولا يجمعهم ديوان حافظ. وفي الإكليل للحاكم من حديث معاذ: أنهم كانوا زيادة على ثلاثين ألفًا، وبهذه العدة جزم ابن إسحاق، وأورده الواقدي بإسناد آخر موصول وزاد: أنه كانت معهم عشرة آلاف فرس، فتحمل رواية معاذ على إرادة عدد الفرسان، ولابن مردويه لا يجمعهم ديوان حافظ وقد نقل عن أبي زرعة الرازي أنهم كانوا في غزوة تبوك أربعين ألفًا ولا تخالف الرواية التي في الإكليل أكثر من ثلاثين ألفًا لاحتمال أن يكون من قال: أربعين ألفًا جبرًا لكسر قاله في الفتح، وتعقبه شيخنا فقال: بل المروي عن أبي زرعة أنهم كانوا سبعين ألفًا. نعم الحصر بالأربعين في حجة الوداع فكأنه سبق قلم أو انتقال نظر.
(قال كعب) بن مالك بالإسناد السابق (فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي أنه (سيخفى له) لكثرة الجيش (ما لم ينزل) بفتح أوله وكسر ثالثه (فيه وحي الله، وغزا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال) وفي رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب في قيظ شديد في ليالي الخريف والناس خارفون في نخيلهم (وتجهز رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون معه فطفقت) فأخذت (أغدو) بالغين المعجمة (لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئًا) من جهازي (فأقول في نفسي أنا قادر عليه) متى شئت (فلم يزل يتمادى بي) الحال (حتى اشتد بالناس الجد) بكسر الجيم والرفع فاعلاً وهو الجهد في الشيء والمبالغة فيه، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: حتى اشتد الناس بالرفع على الفاعلية الجد بالنصب على نزع الخافض أو نعت لمصدر محذوف أي اشتد الناس الاشتداد الجدّ (فأصبح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والمسلمون معه ولم أقض من جهازي