رواه بالتشديد والتخفيف هو الوجه قال الحافظ أبو ذر: سألت عنه من لقيت أربعين سنة فما قرأته قط إلا بالتخفيف وكذا قال ثعلب (كل ذلك لا يجيبك. قال عمر: فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين وخشيت أن ينزل فيّ قرآن فما نشبت) بكسر الشين المعجمة فما لبثت (أن سمعت صارخًا) لم يسم (يصرخ بي قال: فقلت لقد خشيت أن يكون نزل) ولأبي الوقت: قد نزل (فيّ) بتشديد الياء ولأبي ذر عن الكشميهني بي أي نزل بسببي (قرآن، وجئت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسلمت) زاد الكشميهني عليه (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحب إليّ مما طلعت الشمس) لما فيها من البشارة بالمغفرة وأفعل قد لا يراد بها المفاضلة (ثم قرأ: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا}) [الفتح: 1] الفتح الظفر بالبلدة عنوة أو صلحًا بحرب أو بغيره لأنه مغلق ما لم يظفر به فإذا ظفر به فقد فتح ثم قيل هو فتح مكة وقد نزلت مرجعه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الحديبية كما مرّ عدة له بالفتح وجيء به على لفظ الماضي لأنها في تحققها بمنزلة الكائنة وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علوّ شأن المخبر به ما لا يخفى، وقيل هو صلح الحديبية فإنه حصل بسببه الخير الجزيل الذي لا مزيد عليه، وقيل المعنى قضينا لك قضاء بينًا على أهل مكة أن تدخلها أنت وأصحابك من قابل لتطوفوا بالبيت من الفتاحة وهي الحكومة.
وظاهر هذا الحديث الإرسال لأن أسلم لم يدرك هذه القصة، لكن ظاهره يقتضي أن أسلم تحمله عن عمر كما وقع التصريح بذلك عند البزار بلفظ: سمعت عمر والله الموفق والمعين.
4178 و 4179 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ حِينَ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ حَفِظْتُ بَعْضَهُ وَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالاَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ وَسَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ أَتَاهُ عَيْنُهُ قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ وَمَانِعُوكَ، فَقَالَ: «أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِيِّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ؟ فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَإِلاَّ تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا الْبَيْتِ لاَ تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ وَلاَ حَرْبَ أَحَدٍ فَتَوَجَّهْ لَهُ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ قَالَ: «امْضُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ».
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: سمعت الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (حين حدث هذا الحديث) الذي هذا سنده (حفظت بعضه) من الزهري (وثبتني) فيما سمعته من الزهري (معمر) أي ابن راشد (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (عن المسور بن مخرمة) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة بعدها راء (ومروان بن الحكم يزيد أحدهما على صاحبه قالا: خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه) وللأربعة: من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فلما أتى ذا الحليفة) الميقات المعروف (قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة) وهذا القدر مما ثبته فيه معمر كما بينه أبو نعيم في مستخرجه، وقد سبق في هذا الباب من رواية ابن المديني عن سفيان قوله: لا أحفظ الأشعار والتقليد فيه.
(وبعث) عليه الصلاة والسلام (عينًا) أي جاسوسًا (له من خزاعة) اسمه بشر بن سفيان بضم الموحدة وسكون المهملة كما ذكره ابن عبد البر (وسار النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى كان بغدير الأشطاط) بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة بعدها مهملتان بينهما ألف موضع تلقاء الحديبية وفي نسخة أبي ذر بالإعجام والإهمال (أتاه عينه) بشر (قال): وفي نسخة فقال (إن قريشًا جمعوا لك) بتخفيف الميم (جموعًا وقد جمعوا لك الأحابيش) بالحاء المهملة وبعد الألف موحدة آخره شين معجمة جماعات من قبائل شتى، وقال الخليل: أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشًا قبل الإسلام، وقال ابن دريد: حلفاء قريش تحالفوا تحت جبل يسمى حبيشًا فسموا بذلك (وهم مقاتلوك وصادّوك) بتشديد الدال (عن البيت) الحرام (ومانعوك) من الدخول إلى مكة (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
(أشيروا أيها الناس عليّ أترون) بفتح التاء (أن أميل إلى عيالهم وذراريّ هؤلاء) الكفار (الذين يريدون أن يصدونا عن البيت فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينًا) جاسوسًا (من المشركين) يعني الذي بعثه عليه الصلاة والسلام أي غايته أنا كنا كمن لمن يبعث الجاسوس ولم يعبر الطريق وواجههم بالقتال (وإلاّ) بأن لم يأتونا (تركناهم محروبين) بالراء المهملة والموحدة مسلوبين منهوبين الأموال والعيال (قال أبو بكر: يا رسول الله) إنك (خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد فتوجه له) للبيت (فمن صدنا عنه