(فقال بلال): المؤذن لما رآه (لا نجوت إن نجا أمية) زاد في الوكالة فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه اسمه عليّ لأشغلهم فقتلوه ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجلاً ثقيلاً فلما أدركونا قلت له: ابرك فبرك فألقيت عليه نفسي لأمنعه فتخللوه بالسيوف حتى قتلوه، وكان أمية قد عذب بلالاً في المستضعفين بمكة ويرحم الله القائل:

هنيئًا زادك الرحمن فضلاً ... فقد أدركت ثارك يا بلال

3972 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَرَأَ {وَالنَّجْمِ} [النجم: 1] فَسَجَدَ بِهَا وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا

أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ فَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا.

وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو ابن عبد الله بن عثمان (قال: أخبرني) بالإفراد (أبي) عثمان بن جبلة المروزي (عن شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن الأسود) بن يزيد النخعي (عن عبد الله) بن مسعود (رضي الله) تعالى (عنه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قرأ والنجم فسجد بها) عند فراغه منها (وسجد من معه غير أن شيخًا) هو أمية بن خلف (أخذ كفًّا من تراب فرفعه إلى جبهته فقال: يكفيني هذا. قال عبد الله) بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - (فلقد رأيته) أي الرجل (بعد قتل كافرًا).

وسبق هذا الحديث في باب سجدة النجم من سجود القرآن.

3973 - حدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ فِي الزُّبَيْرِ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ، إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ، قَالَ: إِنْ كُنْتُ لأُدْخِلُ أَصَابِعِي فِيهَا، قَالَ: ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ وَوَاحِدَةً يَوْمَ الْيَرْمُوكِ، قَالَ عُرْوَةُ وَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا عُرْوَةُ هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا فِيهِ؟ قُلْتُ: فِيهِ فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ: صَدَقْتَ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ. قَالَ هِشَامٌ: فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا ثَلاَثَةَ آلاَفٍ، وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُهُ.

وبه قال: (أخبرني) بالإفراد ولابن عساكر وأبي ذر: حدثني بالإفراد أيضًا وللأصيلي حدّثنا (إبراهيم بن موسى) الفراء الرازي الصغير قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (هشام بن يوسف) قاضي صنعاء (عن معمر) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد عالم اليمن (عن هشام) ولأبي ذر: أخبرنا هشام (عن) أبيه (عروة) بن الزبير -رضي الله عنه- أنه (قال: كان في الزبير) بن العوام (ثلاث ضربات) بفتح الراء كالضاد (بالسيف إحداهن في عاتقه) ما بين عنقه ومنكبه، وقد سبق في مناقب الزبير من طريق ابن المبارك عن هشام بن عروة أن الضربات الثلاثة كن في عاتقه، وكذا في الرواية اللاحقة (قال) عروة: (إن كنت لأدخل أصابعي فيها) ولأبي ذر عن الكشميهني: فيهن، واللام في لأدخل للتأكيد (قال) عروة: (ضرب) بضم أوله مبنيًّا للمفعول (ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك) بفتح التحتية وقد تضم وسكون الراء وضم الميم وبعد الواو الساكنة كاف موضع بين أذرعات ودمشق كانت به وقعة عظيمة في خلافة عمر - رضي الله تعالى عنه - بين المسلمين والروم، وكان أمير المسلمين أبو عبيدة بن الجراح وأمير الروم من قبل هرقل باهان بالموحدة أو الميم الأرمني سنة خمس عشرة بعد فتح دمشق وقيل قبله سنة ثلاث عشرة، واستشهد فيها من المسلمين أربعة آلاف وقتل من الروم زهاء مائة ألف وخمسة آلاف وأسر أربعون ألفًا، وكان في المسلمين من البدريين مائة رجل.

(قال عروة): بالسند السابق (وقال لي عبد الملك بن مروان حين قتل) أخي (عبد الله بن

الزبير) أي وأخذ الحجاج ما وجد له فأرسله إلى عبد الملك وكان من جملته سيفه، وخرج عروة إلى عبد الملك بالشام (يا عروة هل تعرف سيف الزبير؟ قلت: نعم قال: فما فيه؟ قلت: فيه فلة) بفتح الفاء واللام المشددة (فلها) بضم الفاء وفتح اللام مشددة مبنيًّا للمفعول والضمير للفلة أي كسرت قطعة من حدّه (يوم) وقعة (بدر قال) عبد الملك: (صدقت) ثم قال: ما هو مشهور للنابغة الذبياني (بهن فلول) بضم الفاء واللام مخففة كسور في حدّها (من قراع الكتائب) بكسر القاف والكتائب بالمثناة الفوقية جمع كتيبة وهي الجيش أي ضرب الجيوش بعضهم بعضًا وهذا مصراع بيت أوله:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم

وهو من المدح في معرض الذم لأن الفل في السيف نقص حسي لكنه لما كان دليلاً على قوة ساعد صاحبه كان من جملة كماله (ثم ردّه) أي ردّ عبد الملك السيف (على عروة).

(قال هشام): هو ابن عروة بالسند السابق (فأقمناه) أي قومنا السيف (بيننا) بأن نظرنا ما تساوي قيمته فإذا هو يساوي (ثلاثة آلاف وأخذه بعضنا) من الوارثين وهو عثمان بن عروة أخو هشام. قال هشام: (ولوددت) بفتح اللام والواو وكسر الدال الأولى وسكون الثانية (أني كنت أخذته).

ومطابقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015