(حدّثنا غندر) محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن هشام عن أبيه) عروة (عن عائشة) -رضي الله عنها- (أن أبا بكر) الصديق - رضي الله تعالى عنه - (دخل عليها والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عندها يوم فطر أو أضحى) بفتح الهمزة وتنوين الحاء الشك من الراوي والواو في قوله والنبي للحال (و) الحال أن (عندها قينتان) بفتح القاف تثنية قينة أي جارية وضبب على النون الأخيرة من قينتان في اليونينية وفرعها، ولأبي ذر عن الكشميهني والمستملي: قينتا (تغنيان) أي تنشدان. زاد في الصلاة وليستا بمغنيتين والمراد تنزيه منزله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أن يكون فيه غناء من مغنيتين مشهورتين (بما تقاذفت) بالقاف والذال المعجمة أي بما ترامت به (الأنصار)
ولأبي ذر تعازفت بالعين المهملة والزاي بدل تقاذفت من عزف اللهو أي بما ضربوا عليه من المعازف من الأشعار التي قالها الأنصار (يوم بعاث) في هجاء بعضهم بعضًا (فقال: أبو بكر) - رضي الله تعالى عنه - (مزمار الشيطان) استفهام محذوف الأداة في بيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال ذلك (مرتين فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(دعهما) اتركهما (يا أبا بكر إن لكل قوم عيدًا وإن عيدنا هذا اليوم).
ومطابقة هذا الحديث للترجمة، قال العيني -رحمه الله تعالى-: من حيث إنه مطابق للحديث السابق في ذكر يوم بعاث والمطابق للمطابق مطابق. قال: ولم أر أحدًا ذكر له مطابقة كذا قال فليتأمل.
3932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ح. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ، فِي حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِي النَّجَّارِ، قَالَ: فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ. قَالَ: وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ. قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإِ بَنِي النَّجَّارِ، فَجَاءُوا. فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي حَائِطَكُمْ هَذَا، فَقَالُوا: لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. قَالَ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ، وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، قَالَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، قَالَ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً. قَالَ: جَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ يَقُولُونَ:
اللَّهُمَّ إِنَّهُ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَة ... فَانْصُرِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَة"
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد (ح).
(وحدّثنا) ولأبي ذر: وحدّثني بالإفراد (إسحاق بن منصور) الكوسج المروزي قال: (أخبرنا عبد الصمد) بن الوارث العنبري مولاهم التنوري بفتح المثناة الفوقية وتشديد النون المضمومة البصري (قال: سمعت أبي) عبد الوارث (يحدث فقال: حدّثنا أبو التياح) بفتح الفوقية والتحتية المشددة وبعد الألف حاء مهملة (يزيد بن حميد) بضم الحاء مصغرًا (الضبعي) بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة (قال: حدّثني) بالإفراد (أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: لما) بتشديد الميم (قدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) مهاجرًا (نزل في علو المدينة) بضم العين المهملة وسكون اللام
في قباء وكان ذلك إشارة إلى علوّه وعلوّ دينه (في حيّ يقال لهم بنو عمرو بن عوف) بفتح العين المهملة فيهما ابن مالك الأوسي ابن حارثة (قال): أنس (فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم أرسل إلى ملأ بني النجار) أي جماعتهم (قال: فجاؤوا) حال كونهم (متقلدي سيوفهم) بالجر لإضافة متقلدي إليه (قال: وكأني أنظر إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على راحلته) أي ناقته القصواء (وأبو بكر) الصديق - رضي الله تعالى عنه - (ردفه) بكسر الراء وسكون الدال المهملة والجملة اسمية حالية ولأبي ذر ردفه بالرفع ولغيره بالنصب (وملأ بني النجار) يمشون (حوله حتى) نزل و (ألقى) رحله (بفناء) بكسر الفاء دار (أبي أيوب) خالد بن زيد الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - وهو ما امتدّ من جوانبها (قال) أنس - رضي الله تعالى عنه -: (فكان) عليه الصلاة والسلام (يصلّي حيث أدركته الصلاة ويصلّي في مرابض الغنم) أي مأواها (قال: ثم إنه أمر ببناء المسجد فأرسل إلى ملأ بني النجار فجاؤوا فقال) لهم:
(يا بني النجار ثامنوني) بالمثلثة أي ساوموني (حائطكم هذا) أي بستانكم وفي الصلاة بحائطكم بحرف الجر (فقالوا): ولأبي ذر: قالو (لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى) أي منه (قال): أنس - رضي الله تعالى عنه - (فكان فيه) أي في البستان (ما أقول لكم كانت فيه قبور المشركين وكانت فيه خرب) بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء مصححًا عليها في الفرع كأصله (وكان فيه نخل فأمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقبور المشركين فنبشت وبالخرب) بكسر ثم فتح مصححًا عليه أيضًا (فسوّيت وبالنخل فقطع) وهو محمول على أنه غير مثمر وجاز قطعه للحاجة (قال): أنس - رضي الله تعالى عنه - (فصفوا النخل قبلة المسجد) أي في جهتها (قال: وجعلوا عضادتيه) بكسر العين