يقرئان الناس) القرآن بالتثنية فيهما، ولأبي ذر كانوا يقرؤون الناس بلفظ الجمع فيهما بعد ذكر اثنين (فقدم بلال) ْالمؤذن ابن رباح وأمه حمامة مولى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- (وسعد) بسكون العين ابن أبي وقاص -رضي الله عنه- أحد العشرة (وعمار بن ياسر، وقدم عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (في عشرين من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسمى منهم ابن إسحاق فيما قرأته في عيون الأثر: زيد بن الخطاب، وعمرًا وعبد الله ابني سراقة بن المعتمر بن أنس بن أداة بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب، وخنيس بن حذاقة السهمي، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وواقد بن عبد الله التميمي حليف لهم، وخولي بن أبي خولي، ومالك بن أبي خولي، واسم أبي خولي عمرو بن زهير وبني البكير أربعتهم اياسًا وعاقلاً وعامرًا وخالدًا حلفاؤهم من بني سعد بن ليث، وعياش بن أبي ربيعة، ونزل هؤلاء الثلاثة عشر على رفاعة بن عبد المنذر بن زهير في بني عمرو بن عوف بقباء قال في الفتح: فلعل بقية العشرين كانوا من أتباعهم، وزاد ابن عائذ في مغازيه الزبير.
(ثم قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وأبو بكر وعامر بن فهيرة ونزلوا على كلثوم بن الهدم فيما قاله ابن شهاب فيما حكاه الحاكم ورجحه. (فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم) أي كفرحهم فالنصب على نزع الخافض (برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى جعل الإماء) جمع أمة (يقلن: قدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). وعند الحاكم عن أنس -رضي الله عنه-: فخرجت جوار من بني النجار يضربن بالدف وهن يقلن:
نحن جوار من بني النجار ... يا حبذا محمد من جار
(فما قدم) عليه الصلاة والسلام (حتى قرأت) سورة (سبح اسم ربك الأعلى في سور) أخرى معها (من المفصل) وأوله: الحجرات كما صححه النووي في دقائق منهاجه وغيرها، وجزم
ابن كثير أن سورة {سبح اسم ربك الأعلى} [الأعلى: 1] مكية كلها لحديث الباب.
3926 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: "لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلاَلٌ. قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلاَلُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أَقْلَعَ عَنْهُ الْحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ وَيَقُولُ:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: لما قدم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة) في الهجرة (وعك) بضم الواو وكسر العين أي حمّ (أبو بكر وبلال) -رضي الله عنهما- (قالت) عائشة: (فدخلت عليهما فقلت: يا أبت كيف تجدك؟) أي تجد نفسك (ويا بلال كيف تجدك؟ قالت): عائشة -رضي الله عنها- (فكان أبو بكر) -رضي الله عنه- (إذا أخذته الحمى يقول: كل امرئ مصبح) بفتح الموحدة المشددة (في أهله والموت أدنى) أقرب إليه (من شراك نعله) بكسر الشين المعجمة سيورها التي على وجهها، والمعنى أن المرء يصاب بالموت صباحًا أو يقال له: صبحك الله بالخير وقد يفجؤه الموت بقية نهاره (وكان بلال إذا أقلع) بفتح الهمزة واللام ولأبي ذر أقلع بضم ثم كسر (عنه الحمى) وسقط لفظ الحمى لأبي ذر (يرفع عقيرته) بفتح العين المهملة وكسر القاف وسكون التحتية وفتح الراء بعدها فوقية أي صوته بالبكاء (ويقول: ألا) بتخفيف اللام (ليت شعري هل أبيتنّ ليلة بواد) هو وادي مكة (وحولي إذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمتين حشيش مكة ذو الرائحة الطيبة (وجليل) بالجيم نبت ضعيف يحشى به خصاص البيوت وهو الثمام (وهل أردن) بنون التأكيد الخفيفة (يومًا مياه) بالهاء (مجنة) بفتح الجيم والنون المشددة وتكسر الجيم اسم موضع على أميال من مكة كان به سوق فى الجاهلية (هل يبدون) بنوق التأكيد الخفيفة يظهرن (لي شامة) بالشين المعجمة والميم المخففة (وطفيل) بطاء مهملة مفتوحة وفاء مكسورة بعدها تحتية ساكنة جبلان بقرب مكة أو عينان.
(قالت عائشة): -رضي الله عنها- (فجئت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرته) بشأنهما (فقال): عليه الصلاة والسلام (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدّها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة، وكانت إذ ذاك مسكن اليهود، وهي الآن ميقات مصر وفيه جواز الدعاء على الكفار