ويقبل. وعند الترمذي من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يدعو الحسن والحسين فيشمهما ويضمهما إليه، وعند الطبراني "هما ريحانتاي من الدنيا أشمهما" وقوله "من الدنيا" كقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء" أي نصيبي، ويحتمل أن يكون ابن عمر أجاب السائل عن خصوص ما سأل عنه لأنه لا يحل له كتمان العلم إلا إن حمل على أن السائل كان متعنتًا.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأدب والترمذي في المناقب.

23 - باب مَنَاقِبُ بِلاَلِ بْنِ رَبَاحٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنهما-. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ»

(باب مناقب بلال بن رباح) بفتح الراء والموحدة وبعد الألف حاه مهملة، وأمه حمامة. وكان صادق الإسلام طاهر القلب شحيحًا على دينه، وعذب في الله عذابًا شديدًا فصبر وهان على قومه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد، وكان أمية بن خلف ممن يوالي على بلال العذاب فكان قتله على يد بلال فقال أبو بكر -رضي الله عنه- أبياتًا منها:

هنيا زادك الرحمن خيرًا ... فقد أدركت ثارك يا بلال

وكان شديد الأدمة نحيفًا طوالاً خفيف العارضين من مولدي مكة مولى لبعض بني جمح، وأصله من الحبشة توفي بدمشق سنة عشرين وهو ابن ثلاث وستين سنة. وكان (مولى أبي بكر) الصديق (-رضي الله عنهما-) وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن قيس بن أبي حازم أن أبا بكر -رضي الله عنه- اشتراه بخمس أواق. وهو مدفون بالحجارة وسقط لفظ باب لأبي ذر (وقال) له (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سمعت دف نعليك) بفتح الدال وتشديد الفاء أي خفقهما (بين يدي) بتشديد التحتية (في الجنة) وهذا وصله في صلاة الليل.

3754 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا، وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا. يَعْنِي بِلاَلاً".

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة) هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي سلمة دينار (عن محمد بن المنكدر) أنه قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما- قال: كان عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (يقول: أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- (سيدنا) لأنه أفضلهم (وأعتق سيدنا) مجازًا (يعني بلالاً) قاله تواضعًا أو أنه من سادات هذه الأمة، وليس هو أفضل من عمر بلا ريب.

3755 - حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ "أَنَّ بِلاَلاً قَالَ لأَبِي بَكْرٍ: إِنْ كُنْتَ اشْتَرَيْتَنِي لِنَفْسِكَ فَأَمْسِكْنِي، وَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا اشْتَرَيْتَنِي لِلَّهِ فَدَعْنِي وَعَمَلَ اللَّهِ".

وبه قال: (حدّثنا ابن نمير) بضم النون وفتح الميم مصغرًا هو محمد بن عبد الله بن نمير (عن محمد بن عبيد) بضم العين الطنافسي الكوفي أنه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد (عن قيس) هو ابن أبي حازم (أن بلالاً قال لأبي بكر) -رضي الله عنه- لما توفي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأراد بلال أن يخرج من المدينة فمنعه أبو بكر -رضي الله عنه- إرادة أن يؤذن في المسجد. فقال: لا أريد المدينة بعد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فامسكني وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعمل الله) عز وجل، ولأبي ذر عن الكشميهني وعملي لله عز وجل.

وفي طبقات ابن سعد في هذه القصة أني رأيت أفضل عمل المؤمن الجهاد فأردت أن أرابط في سبيل الله عز وجل، وأن أبا بكر -رضي الله عنه- قال له: أنشدك الله وحقي فأقام معه حتى توفي فأذن له عمر -رضي الله عنه- فتوجه إلى الشام مجاهدًا فمات بها في طاعون عمواس، وأذن مرة واحدة بالشام فبكى وأبكى.

24 - باب ذِكْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-

(باب ذكر ابن عباس) عبد الله (-رضي الله عنهما-) وسقط لأبي ذر لفظ باب وولد ابن عباس قبل الهجرة بثلاث سنين بالشعب قبل خروج بني هاشم منه، وحنكه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بريقه وسماه ترجمان القرآن وكان طويلاً أبيض جسيمًا وسيمًا صبيح الوجه وكان من علماء الصحابة. قال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس، فإذا تكلم قلت أفصح الناس، وإذا تحدث قلت أعلم الناس. وقال عطاء: كان ناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب وناس يأتون لأيام العرب ووقائعها وناس يأتون للعلم والفقه فما منهم صنف إلا ويقبل عليهم بما شاؤوا. وقال فيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: عبد الله فتى الكهول له لسان سيول وقلب عقول. وقال طاوس: أدركت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015