يوم ليس لها (راع) يرعاها (غيري) أي عند الفتن حين يتركها الناس هملا (فقال الناس) متعجبين من نطقه (سبحان الله فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فإني أومن به) بالنطق الصادر من الذئب والفاء جواب شرط محذوف أي فإذا كان الناس يستغربونه ويتعجبون منه فإني لا أستغربه وأومن به (و) كذا (أبو بكر وعمر وما ثم) بفتح المثلثة (أبو بكر وعمر) ولم يذكر هنا قصة البقرة المذكورة في رواية بني إسرائيل كفضل أبي بكر.
3691 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَىَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ، وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ. قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الدِّينَ».
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي مولاهم المصري واسم أبيه عبد الله قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (أبو أمامة) أسعد (بن سهل بن حنيف) بضم الحاء مصغرًا (عن
أبي سعيد) سعد بن مالك (الخدري) بالدال المهملة (-رضي الله عنه-) أنه (قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(بينا) بغير ميم (أنا نائم رأيت الناس) من الرؤيا الحلمية على الأظهر أو البصرية حال كونهم (عرضوا علي وعليهم قمص) بضم القاف والميم جمع قميص والواو للحال (فمنها) أي القمص (ما) أي الذي (يبلغ الثدي) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية جمع ثدي ولغير أبي ذر الثدي بفتح فسكون على الإفراد (ومنها ما يبلغ دون ذلك) فلم يصل إلى الثدي (وعرض علي عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (وعليه قميص اجتره) بهمزة وصل وسكون الجيم أي لطوله (قالوا) أي من حضر من الصحابة أو الصديق كما يأتي إن شاء الله تعالى في التعبير (فما أوّلته) أي عبرته (يا رسول الله؟ قال): أوّلته (الدين) لأن الدين يشمل الإنسان ويحفظه ويقيه المخالفات كوقاية الثوب وشموله ولا يلزم منه أفضلية عمر على أبي بكر، فلعل الذين عرضوا لم يكن فيهم أبو بكر، وكون عمر عليه قميص يجره لا يستلزم أن لا يكون على أبي بكر أطول منه.
وهذا الحديث سبق في الإيمان في باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال.
3692 - حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: "لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ-: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ، ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهْوَ عَنْكَ رَاضٍ، ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ. قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهْوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ. وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلاَعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لاَفْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ".
قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ" بِهَذَا.
وبه قال: (حدّثنا الصلت بن محمد) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها فوقية الخاركي بالخاء المعجمة والراء المكسورة البصري قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) هو ابن علية قال: (حدّثنا أيوب) السختياني (عن ابن أبي مليكة) عبد الله (عن المسور بن مخرمة) بكسر الميم وسكون السين المهملة في الأوّل وبفتح الميم وسكون الخاء المعجمة في الثاني أنه (قال: لما طعن عمر) -رضي الله عنه-، وكان الذي طعنه أبا لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة في خاصرته وهو في صلاة الصبح يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين (جعل يألم) بتحتية بعدها همزة ساكنة (فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه) بضم التحتية وفتح الجيم وتشديد الزاي المكسورة أي يزيل جزعه (يا
أمير المؤمنين ولئن كان ذاك) بغير لام ولأبي ذر عن الكشميهني كما في الفرع وأصله ولا كل ذلك بلا النافية وإسقاط كان وزيادة كل وذلك باللام وللكشميهني ذاك بإسقاط اللام أي لا تبالغ فيما أنت فيه من الجزع، ونسب هذه الكرماني إلى بعض روايات غير البخاري، وتبعه البرماوي فلم يقفا عليها معزوّة للكشميهني ولبعضهم كما في الفتح كالكواكب ولما كان ذلك، وكأنه دعا أن لا يكون الموت بتلك الطعنة أو لا يكون ما تخافه. (لقد صحبت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأحسنت صحبته ثم فارقته) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ثم فارقت بحذف الضمير (وهو) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم فارقته) ولأبي ذر فارقت (وهو) -رضي الله عنه- (عنك راض، ثم صحبت صحبتهم) بفتح الصاد والحاء والموحدة جمع صاحب ومراده أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر.
قال في الفتح: وفيه نظر لأنه أتى بصيغة الجمع موضع التثنية، واعترضه العيني فقال: لا يتوجه النظر فيه أصلاً بل الموضع موضع جمع لأن المراد أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر. وأجاب في الانتقاض بأنه مسلم أن أصحاب صيغة جمع لكن لم يضف إلى هذا الجمع إلا اثنان وهو النبي -صَلَّى