وَسَلَّمَ-: "أفضل الخلق إيمانًا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني فهم أفضل الخلق إيمانًا" لكن روى أحمد والدارمي بإسناد حسن وصححه الحاكم قال أبو عبيدة: يا رسول الله هل أحد خير منا أسلمنا معك وجاهدنا معك؟ قال: "قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني".
والحق ما عليه الجمهور لأن الصحبة لا يعدلها شيء وحديث للعامل منهم أجر خمسين منكم لا دلالة فيه على أفضلية غير الصحابة على الصحابة لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة، وإسناد حديث أبي داود السابق ضعيف فلا حجة فيه، وكلام ابن عبد البر ليس على إطلاقه في حق جميع الصحابة فإنه صرح في كلامه باستثناء أهل بدر والحديبية، والذي يظهر أن محل النزاع يتمحض فيمن لم يحصل له إلا مجرد المشاهدة أما من قاتل معه أو في زمانه بأمره أو أنفق شيبًا من ماله بسببه أو سبق إليه بالهجرة والنصرة، وضبط الشرع المتلقى عنه وبلغه لمن بعده فلا يعده في الفضل أحد بعده كائنًا من كان.
(وقال عمران) بن الحصين بالسند السابق (فلا أدري أذكر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بعد قرنه قرنين) ولأبي ذر: مرتين بالميم (أو ثلاثًا) وفي نسخة أو ثلاثة، وفي مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قال رجل: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال: "القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث" فلم يشك كأكثر طرق الحديث.
(ثم إن بعدكم) بالكاف (قومًا) بالنصب اسم إن وزاد ابن حجر هنا مما لم أره في الفرع ولا أصله ولبعضهم قوم بالرفع، وقال: يحتمل أن يكون من الناسخ على طريقة من لا يكتب الألف في المنصوب، وقال العيني: الوجه على تقدير صحة الرواية أن يكون بفعل محذوف تقديره ثم إن بعدكم يجيء قوم (يشهدون ولا يستشهدون) أي يتحملون الشهادة من غير تحميل أو يؤدونها من
غير طلب الأداء (ويخونون ولا يؤتمنون) لخيانتهم الظاهرة بخلاف من خان مرة واحدة فإن ذلك قد لا يؤثر فيه (وينذرون) بفتح أوّله وضم الذال المعجمة، ولأبي ذر: وينذرون بكسرها (ولا يفون) بنذرهم، ولأبي ذر: ولا يوفون (ويظهر فيهم السمن) بكسر السين وفتح الميم أي يعظم حرصهم على الدنيا والتمتع بلذاتها حتى تسمن أجسادهم.
3651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ».قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَكَانُوا يَضْرِبُوننَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) هو النخعي (عن عبيدة) بفتح العين وكسر الموحدة ابن قيس السلماني بفتح السين وسكون اللام المرادي (عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(خير الناس قرني) أي أهله (ثم) أهل القرن (الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) الأول أصحابه ثم أتباعهم ثم أتباع أتباعهم (ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) ليس فيه دور لأن المراد من حرصهم على الشهادة وترويجها أنهم يحلفون على ما يشهدون تارة قبل وتارة بعد حتى لا يدري بأيهما البداءة فكأنهما يتسابقان لقلة المبالاة بالدين.
(قال): منصور بن المعتمر (قال إبراهيم): النخعي بالسند السابق (وكانوا يضربونا) ضرب تأديب، ولأبي ذر: يضربوننا (على الشهادة والعهد) أي على قول: أشهد بالله وعلى عهد الله (ونحن صغار) لم نبلغ حدّ التفقه، وإن كانوا بلغوا الحلم حتى لا يصير لهم ذلك عادة فيحلفون في كل ما يصلح وما لا يصلح.
ومرّ هذا الحديث في باب لا يشهد على شهادة جور من كتاب الشهادات كسابقه.
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8].
وَقَالَ: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} -إِلَى قَوْلِهِ- {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40].
قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم-: "وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْغَارِ".
(باب مناقب المهاجرين) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة. والمناقب: جمع منقبة ضد المثلبة (وفضلهم) بالجر عطفًا على السابق، وسقط لأبي ذر لفظ باب فمناقب رفع وكذا فضلهم على ما لا يخفى (منهم) من المهاجرين بل هو أفضلهم وسيدهم (أبو بكر) واسمه على المشهور (عبد الله بن أبي قحافة) بضم القاف وتخفيف الحاء وبالفاء واسمه عثمان (التيمي) بفتح الفوقية وسكون التحتية ونسبه إلى جده الأعلى تيم، فهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب يجتمع مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مرة بن كعب، وكان اسمه