وللحموي والمستملي ثم بالمثلثة بدل الموحدة وتشديد الميم (يجمع الله الأوّلين والآخرين في صعيد واحد) أرض مستوية واسعة (فيبصرهم الناظر) أي يحيط بهم بصر الناظر بحيث لا يخفى عليه منهم شيء لاستواء الأرض وعدم الحجاب (ويسمعهم الداعي) بضم الياء من الإِسماع (وتدنو منهم الشمس) فيبلغهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون (فيقول بعض الناس) لبعض: (ألا ترون إلى ما أنتم فيه) من الغم والكرب (إلى ما بلغكم) بدل من قوله إلى ما أنتم فيه (ألا) بالتخفيف كالسابقة للعرض أو التحضيض (تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم)؟ حتى يريحكم من مكانكم هذا (فيقول بعض الناس: أبوكم آدم فيأتونه فيقولون) له: (يا آدم أنت أب البشر) كتب بغير واو بعد الموحدة من أب ولا ذر أبو البشر بإثبات الواو (خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه) الإضافة إليه تعالى إضافة تعظيم للمضاف
وتشريف (وأمر الملائكة فسجدوا لك وأسكنك الجنة) زاد في رواية همام في التوحيد وعلمك أسماء كل شيء وضع شيء موضع أشياء أي المسميات لقوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} [البقرة: 31] أي أسماء المسميات أراد التقصي واحدًا فواحدًا حتى يستغرق المسميات كلها (ألا تشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا)؟ بفتح الغين من الكرب والعرق (فيقول) آدم عليه السلام: (ربي غضب) اليوم (غضبًا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله) والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال الشر إلى المغضوب عليه. وقال النووي: المراد ما يظهره تعالى من انتقامه فيمن عصاه وما يشاهده أهل الجمع من الأهوال التي لم تكن ولا يكون مثلها ولا ريب أنه لم يتقدّم قبل ذلك اليوم مثله ولا يكون بعده مثله (ونهاني عن الشجرة) أي عن أكلها (فعصيته) ولأبي ذر فعصيت بحذف الضمير (نفسي نفسي) مرّتين أي نفسي التي تستحق أن يشفع لها لأن المبتدأ والخبر إذا كانا متحدين فالمراد بعض لوازمه أو قوله نفسي مبتدأ والخبر محذوف وعند سعيد بن منصور من رواية ثابت إني أخطأت وأنا في الفردوس فإن يغفر لي اليوم فحسبي (اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح) بيان لقوله اذهبوا إلى غيري (فيأتون نوحًا فيقولون) له: (يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض) استشكلت الأولية هنا بأن آدم نبي مرسل وكذا شيث وإدريس وهم قبل نوح وأجيب بأن الأولية مقيدة بقوله إلى أهل الأرض لأن آدم ومن بعده لم يرسلوا إلى أهل الأرض.
واستشكل بقوله من حديث جابر: أعطيت خمسًا. وفيه: وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة. وأجيب: بأن بعثة نوح إلى أهل الأرض باعتبار الواقع لصدق أنهم قومه بخلاف عموم بعثة نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقومه ولغير قومه، ويأتي إن شاء الله تعالى مزيد لذلك في محاله بعون الله وقوّته.
(وسماك الله) في سورة الإسراء (عبدًا شكورًا) تحمد الله تعالى على مجامع حالاته (أما) بتخفيف الميم ولأبي ذر عن الكشميهني ألا (ترى إلى ما نحن فيه. ألا ترى إلى ما بلغنا). بفتح الغين (ألا تشفع لنا إلى ربك)؟ حتى يريحنا من مكاننا (فيقول) نوح عليه السلام: (ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله نفسي نفسي) مرتين (ائتوا النبي) محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المعروف أن نوحًا يدلهم على إبراهيم وإبراهيم على موسى وموسى على عيسى وعيسى على النبي محمد "-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" قال نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فيأتوني فأسجد تحت العرش): زاد أحمد في مسنده قدر جمعة (فيقال: يا محمد ارفع رأسك واشفع تشفع) أي تقبل شفاعتك (وسل تعطه).
(قال محمد بن عبيد) مصغرًا من غير إضافة لشيء الأحدب: (لا أحفظ سائره) أي باقي الحديث لأنه مطوّل معلوم من رواية غيره.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في التفسير، ومسلم في الإِيمان، والترمذي في الزهد والأطعمة، والنسائي في الوليمة مختصرًا وفي التفسير مطوّلاً، وابن ماجه في الأطعمة.
3341 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} مِثْلَ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ". [الحديث 3341 - أطرافه في: 3345، 3376، 4869، 4870، 4871، 4872، 4873، 4874].
وبه قال: (حدّثنا نصر بن علي