فوقية ساكنة مقصورًا جمع نتن كزمن وزمنى أو جمع نتين كجريح وجرحى (لتركتهم له). أي لأطلقتهم لأجله بغير فداء مكافأة له لما كان أحسن السعي في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش في أن لا يبايعوا الهاشمية والمطلبية ولا يناكحوهم، أو لأنه عليه الصلاة والسلام لما رجع من الطائف لمكة رجع في جواره وفيه دليل على أن للإمام أن يمن على الأسارى من غير فداء لكن قال أصحابنا الشافعية: لو ترك السبي للمطعم كان يستطيب الغانمين كما فعل في سبي هوازن.
قال ابن المنير: وهذا تأويل ضعيف لأن الاستطاعة عقد من العقود الاختيارية يحتمل أن يذعن صاحبها وأن لا يذعن فكيف بت الرسول عليه الصلاة والسلام القول بأنه يعطيه إياهم والأمر موقوف على اختيار من يحتمل أن لا يختار والبت في موضع الشك لا يليق بمنصب النبوة والفرق بين هذا وبين سبي هوازن أنه عليه الصلاة والسلام لم يعط هوازن ابتداء بل وقف أمرهم ووعدهم أن يكلم المسلمين ويستطيب نفوسهم بخلاف حديث الطعم فإنه جزم بأنه لو كان حيًّا وكلمه في السبي لأعطاهم إياه؟ وأجاب في الفتح: بأن الذي يظهر أن هذا كان باعتبار ما تقدم في أول الأمر أن الغنيمة كانت للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتصرف فيها حيث شاء وفرض الخمس إنما نزل بعد قسمة غنائم بدر كما تقرر فلا حجة إذًا في هذا الحديث.
وقد أخرج المؤلّف الحديث أيضًا في المغازي وأبو داود في الجهاد.
هذا (باب) بالتنوين (ومن الدليل على أن الخمس للإمام وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض ما قسم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لبني المطلب وبني هاشم) والمطلب وهاشم ولدا عبد مناف (من خُمس) غنيمة (خيبر. قال عمر بن عبد العزيز: لم يعمهم) ولأبي ذر: لم يعممهم بسكون العين وضم الميم وزيادة أخرى ساكنة أي لم يعم عليه الصلاة والسلام قريشًا (بذلك) القسم (ولم يخصُّ قريبًا دون من أحوج إليه) أي إلى القسم. قال ابن مالك: فيه حذف العائد على الموصول وهو قليل. ومنه قراءة يحيى بن يعمر تمامًا على الذي أحسن برفع النون هو أحسن وإذا طال الكلام فلا ضعف
ومنه: وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله أي وفي الأرض هو إله اهـ.
لكن في رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي من هو أحوج إليه بذكر العائد فاستغنى عن ذكر ما سبق. (وإن كان كان الذي أعطى) أبعد قرابة ممن لم يعط (لما يشكو إليه من الحاجة) تعليل لعطية إلا بعد قرابة (ولما مستهم) ولأبي ذر وابن عساكر مسهم بإسقاط الفوقية (في جنبه) أي في جانبه عليه السلام (من قومهم) كفار قريش (وحلفائهم) بحاء مهملة أي حلفاء قومهم بسبب الإسلام، وهذا وصله عمر بن شبة في أخبار المدينة بنحوه.
3140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: "مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا. وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَىْءٌ وَاحِدٌ". قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ وَزَادَ "قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَلاَ لِبَنِي نَوْفَلٍ. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لأُمٍّ. وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ. وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لأَبِيهِمْ". [الحديث 3140 - طرفاه في: 3502، 4229].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد بن عقيل بالفتح (عن ابن شهاب) الزهري (عن ابن المسيب) بفتح الياء المشدّدة سعيد (عن جبير بن مطعم) هو ابن نوفل أنه (قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان) وهو من بني عبد شمس (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد أبو داود والنسائي من طريق يونس عن ابن شهاب فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب (فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا ونحن وهم منك بمنزلة واحدة) أي في الانتساب إلى عبد مناف لأن عبد شمس ونوفلاً وهاشمًا والمطلب بنوه (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد) بالشين المعجمة ولأبي ذر عن الكشميهني سي بسين مهملة مكسورة وتشديد الياء التحتية. قال الخطابي: وهو أجود ولم يبين وجه الأجودية. قال في المصابيح: والظاهر أنهما سواء يقال هذا سي هذا مثله ونظيره وفي رواية أبي زيد المروزي مما حكاه في الفتح أحد بغير واو مع همزة الألف فقيل هما بمعنى وقيل الأحد الذي ينفرد بشيء لم يشاركه فيه غيره والواحد أوّل العدد وقيل غير ذلك.
(قال): ولأبي ذر وقال الليث بن سعد الإمام بهذا الإسناد ووصله في المغازي: (حدّثني)