ببلادهم ففرض كفاية، ويأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى في باب: وجوب النفير.

1 - باب فَضْلُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ

وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ, وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ؟ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ -إِلَى قَوْلِهِ- وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 111]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحُدُودُ الطَّاعَةُ.

(بسم الله الرحمن الرحيم). قدم النسفيّ البسملة وسقط كتاب الترجمة لأبي ذر كما في الفرع وأصله.

(باب فضل الجهاد والسير). سقط لفظ باب لأبي ذر وحينئذ فقوله فضل رفع بالابتداء.

(وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على المجرور أو بالرفع ولأبي ذر عز وجل بدل قوله تعالى: ({إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}) أي طلب من المؤمنين أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله ليثيبهم الجنة، وذكر الشراء على وجه المثل لأن الأنفس والأموال كلها لله وهي عندنا عارية، ولكنه قال أراد التحريض والترغيب في الجهاد وهذا كقوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضًا حسنا} [البقرة: 245]. والباء في بأن للمعاوضة وهذا من فضله تعالى وكرمه وإحسانه فإنه قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عباده المطيعين له، ولذا قال الحسن البصري: بايعهم الله فأغلى ثمنهم، وقال عبد الله بن رواحة لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليلة العقبة: أشترط لربك ولنفيك ما شئت. فقال: "أشترط لربي أن تصدقوه ولا تشركوا به شيئًا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم" قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: "الجنة" قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل. فنزلت: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}.

({يقاتلون في سبيل الله}) أي في طاعته مع العدوّ وهذا كما قال الزمخشري في معنى الأمر أو هو بيان ما لأجله الشراء ({فيَقْتلون ويُقْتلون}) أي يقتلون العدوّ ويقتلهم ({وعدًا عليه حقًّا}) مصدر مؤكد أي أن هذا الوعد الذي وعده للمجاهدين في سبيله وعد ثابت قد أثبته ({في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله}) مبالغة في الإنجاز وتقرير لكونه حقًّا. ({فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به}) [التوبة: 111، 112]. أي فافرحوا به غاية الفرح فإنه أوجب لكم عظائم المطالب وذلك هو الثواب الوافر، (-إلى قوله- {وبشر المؤمنين}) [التوبة: 112] أي الموصوفين بتلك الفضائل من التوبة والعبادة والصوم وغير ذلك مما في الآية، وساق في رواية أبي ذر إلى قوله: {وعدًا عليه حقًّا} ثم قال إلى قوله: {والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين} وللنسفي وابن شبويه: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} الآيتين إلى قوله: {وبشر المؤمنين} وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآيتين جميعًا قاله في فتح الباري.

(قال ابن عباس) -رضي الله عنهما- فيما وصله ابن أبي حاتم في تفسير قوله تعالى: {تلك حدود الله} [البقرة: 187]. (الحدود الطاعة). وكأنه تفسير باللازم لأن من أطاع الله وقف عند امتثال أمره واجتناب نهيه.

2782 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ الْعَيْزَارِ ذَكَرَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ عَلَى مِيقَاتِهَا. قُلْتُ: ثُمَّ أَىٌّ؟

قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قُلْتُ: ثُمَّ أَىٌّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَسَكَتُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي".

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (الحسن بن صباح) بتشديد الموحدة البزار آخره راء أبو علي الواسطي قال: (حدّثنا محمد بن سابق) التميمي البزار الكوفي نزيل بغداد قال: (حدّثنا مالك بن مغول) بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الواو الكوفي (قال: سمعت الوليد بن العيزار) بفتح العين المهملة وسكون التحتية وبالزاي وبعد الألف راء ابن حريث العبدي الكوفي (ذكر عن أبي عمرو) بفتح العين سعد بن أياس (الشيباني) بالشين المعجمة المفتوحة أنه (قال: قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قلت يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال:

(الصلاة على ميقاتها) على بمعنى في لأن الوقت ظرف لها (قلت: ثم أيّ)؟ بالتشديد منوّنًا.

قال ابن الخشاب: لا يجوز غيره لأنه اسم معرب غير مضاف وسبق زيادة بحث في هذا في المواقيت (قال): عليه الصلاة والسلام (ثم برّ الوالدين) أي بالإحسان إليهما وترك عقوقهما (قلت: ثم أيّ؟ قال): (الجهاد في سبيل الله) بالنفس والمال، وإنما خصّ هذه الثلاثة بالذكر لأنها عنوان على ما سواها من الطاعات لأن من حافظ عليها كان لما سواها أحفظ، ومن ضيعها كان لما سواها أضيع.

قال ابن مسعود (فسكت عن) سؤال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حينئذ (ولو استزدته) أي طلبت منه الزيادة في السؤال (لزادني) في الجواب.

وهذا الحديث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015