الثقفي أبو رجاء البغلاني بفتح الموحدة وسكون المعجمة قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها-) في تفسير قوله تعالى: ({وإن امرأة خافت من بعلها}) توقعت منه لما ظهر لها من المخايل ({نشوزًا}) تجافيًا عنها وترفعًا عن صحبتها كراهية لها ({أو إعراضًا}) [النساء: 128] بأن يقل مجالستها ومحادثتها (قالت: هو الرجل يرى من امرأته ما لا يعجبه كبرًا) بكسر الكاف وفتح الموحدة أي كبر السن والهرم وفي الفرع كبرًا بسكون الموحدة وليس هو في اليونينية (أو غيره) من سوء خُلق أو خَلق ولأبي ذر عن الحموي والمستملي وغيره بإسقاط الألف وله أيضًا عن الكشميهني وغيره بمثناة فوقية بدل الهاء (فيريد فراقها فتقول) أي المرأة لزوجها (امسكني) ولا تفارقني (واقسم لي ما شئت) من النفقة وغيرها (قالت) عائشة (فلا) بالفاء ولأبي ذر: ولا (بأس) بذلك (إذا تراضيا) أي الرجل وامرأته.
وتأتي مباحث ذلك في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى بعون الله.
هذا (باب) بالتنوين (إذا اصطلحوا) أي المتخاصمون (على صلح جور) بالإضافة أي ظلم وجوّز في الفتح وغيره تنوين صلح فيكون جور صفة له (فالصلح) بالفاء جواب إذا المتضمنة معنى الشرط ولأبوي ذر والوقت والأصيلي فهو (مردود).
2695 , 2696 - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنهما قَالاَ: "جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَقَالُوا لِي: عَلَى ابْنِكَ الرَّجْمُ، فَفَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَقَالُوا: إِنَّمَا عَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ -لِرَجُلٍ- فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا. فَغَدَا عَلَيْهَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا".
وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عبيد الله بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود (عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني -رضي الله عنهما-) أنهما (قالا: جاء أعرابي فقال: يا رسول الله اقضِ بيننا بكتاب الله) القرآن أو بحكم الله مطلقًا والثاني أولى لأن النفي والرجم ليسا في القرآن نعم يؤخذ من الأمر بطاعة الرسول في قوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه} [الحشر: 7] ونحوه وفي حديث عبادة بن الصامت عند مسلم مرفوعًا: خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم فوضح دخوله تحت السبيل المذكور في الآية فيصير التغريب في القرآن من هذا الوجه، لكن زيادة الجلد مع الرجم منسوخة بأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجم من غير جلد، ولا ريب أنه عليه الصلاة والسلام إنما يحكم بكتاب الله، فالمراد أن يفصل بينهما بالحكم الصرف لا بالصلح إذ للحاكم أن يفعل ذلك برضا الخصوم.
(فقام خصمه) هو في الأصل مصدر خصمه يخصمه إذا نازعه وغالبه ثم أطلق على المخاصم وصار اسمًا له ولذا يطلق على الواحد والاثنين والأكثر بلفظ واحد مذكرًا كان المخاصم أو مؤنثًا لأنه بمعنى ذو كذا على القول البصريين في رجل عدل ونحوه قال تعالى: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب} [ص: 21] وربما ثني وجمع نحو: لا تخف خصمان ولم يسم هذا الخصم (فقال: صدق اقضِ) وللأصيلي وأبوي الوقت وذر عن الكشميهني والمستملي: فاقضِ (بيننا بكتاب الله، فقال الأعرابيّ: إن ابني) لم يسم (كان عسيفًا) وفي الشروط فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه. نعم فاقضِ بيننا بكتاب الله وائذن لي فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قل قال إن ابني كان عسيفًا وظاهر هذه الرواية أن القائل إن ابني كان عسيفًا هو الثاني لا الأول، وجزم الكرماني بأنه الأول لا الثاني ولعله تمسك بقوله هنا. فقال الأعرابيّ: إن ابني، لكن قال الحافظ ابن حجر إن قوله فقال الأعرابي إن ابني زيادة شاذة وإن المحفوظ في سائر الطرق غير ما هنا انتهى.
والعسيف: بالسين المهملة المخففة والفاء أي أجيرًا (على هذا) لم يقل لهذا ليعلم أنه أجير ثابت الأجرة عليه لكونه لابس العمل وأتمه (فزنى) ابني (بأمرأته) لم تسم (فقالوا لي: على ابنك الرجم) أي إن كان بكرًا واعترف (ففديت ابني منه بمائة من الغنم ووليدة) أي جارية ومن في قوله منه للبدلية كما في قوله تعالى: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} [التوبة: 38] أي بدل الآخرة (ثم سألت أهل العلم) الصحابة الذين كانوا