دعاك (حتى أشرت إليك) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي أشير بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (لم تصل بالناس) (فقال: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي النبي) وللأصيلي رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي قدامه إمامًا به ولم يقل ما كان ينبغي لي ولا لأبي بكر تحقيرًا لنفسه واستصغارًا لمرتبته.
وفي الحديث مشروعية الإصلاح بين الناس والذهاب إليهم لذلك.
2691 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي أَنَّ أَنَسًا -رضي الله عنه- قَالَ: "قِيلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ. فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَكِبَ حِمَارًا، فَانْطَلَقَ الْمُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ -وَهْيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ- فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِيُّ قَالَ: إِلَيْكَ عَنِّي، وَاللَّهِ لَقَدْ آذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنْهُمْ: وَاللَّهِ لَحِمَارُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ. فَغَضِبَ لِعَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَشَتَمَا، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالْجَرِيدِ وَالأَيْدِي وَالنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9].
وبه قال: (حدّثنا مسدد) بضم الميم وفتح المهملة وتشديد المهملة الأولى ابن مسرهد قال:
(حدّثنا معتمر) بضم الميم الأولى وكسر الميم الثانية (قال: سمعت أبي) سليمان بن طرخان (أن أنسًا) هو ابن مالك (-رضي الله عنه- قال: قيل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لو أتيت عبد الله بن أبي) أي ابن سلول الخزرجي وكان منزله بالعالية ولو للتمني فلا تحتاج إلى جواب أو على أصلها والجواب محذوف أي لكان خيرًا أو نحو ذلك، (فانطلق إليه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وركب حمارًا) جملة حالية (فانطلق المسلمون) حال كونهم (يمشون معه) عليه السلام (وهي) أي الأرض التي مرّ فيها عليه السلام (أرض سبخة) بكسر الموحدة ذات سباخ تعلوها الملوحة لا تكاد تنبت إلا بعض الشجر (فلما أتاه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال): أي عبد الله بن أبي له عليه الصلاة والسلام ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: (إليك) أي تنح (عني والله لقد آذاني نتن حمارك) وفي تفسير مقاتل مرّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الأنصار وهو راكب حماره يعفور فبال فأمسك ابن أبي بأنفه وقال للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خلِّ للناس سبيل الريح من نتن هذا الحمار (فقال رجل من الأنصار منهم) هو عبد الله بن رواحة (والله لحمار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أطيب ريحًا منك) برفع أطيب خبرًا لحمار واللام للتأكيد (فغضب لعبد الله) أي لأجل عبد الله بن أبي (رجل من قومه) قال ابن حجر: لم أعرفه (فشتما) بالتثنية من غير ضمير أي شتم كل واحد منهما الآخر ولأبي ذر عن الكشميهني فشتمه (فغضب لكل واحد منهما أصحابه فكان بينهما ضرب بالجريد) بالجيم والراء الغصن الذي يجرد عنه الخوص ولأبي ذر عن الكشميهني بالحديد بالحاء والدال المهملتين والأول أصوب (والأيدي والنعال) قال أنس بن مالك (فبلغنا أنها) أي الآية (أنزلت) بهمزة مضمومة ولابوي ذر والوقت والأصيلي نزلت: ({وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}) [الحجرات: 9].
واستشكل ابن بطال نزول هذه الآية في هذه القصة أن المخاصمة وقعت بين من كان معه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الصحابة وبين أصحاب عبد الله بن أبي وكانوا حينئذٍ كفارًا. وأجيب: بأن قول أنس بلغنا أنها أنزلت لا يستلزم النزول في ذلك الوقت، ويؤيده أن نزول آية الحجرات متأخر جدًّا. وقال مغلطاي فيما نقله عنه في المصابيح وفي تفسير ابن عباس: وأعان ابن أبي رجال من قومه وهم مؤمنون فاقتتلوا قال: وهذا فيه ما يزيل استشكال ابن بطال، وذكر سعيد بن جبير أن الأوس والخزرج.
(باب) بالتنوين (ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس) أي ليس من يصلح بين الناس كاذبًا فهو من باب القلب قاله في الفتح.
2692 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا».
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن عبد الرحمن بن عوف (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) الزهري (أن حميد بن عبد الرحمن) بضم الحاء وفتح الميم مصغرًا ابن عوف (أخبره أن أمه أم كلثوم) بضم الكاف وبالمثلثة (بنت عقبة) بضم العين وسكون القاف ابن أبي معيط أُخت عثمان بن عفان لأمه (أخبرته أنها سمعت رسول الله) وللأصيلي النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(ليس الكذاب الذي) ولأبي الوقت والأصيلي: بالذي (يصلح بين الناس) بضم الياء من الإصلاح والجملة في محل نصب خبر ليس (فينمي خيرًا) بفتح المثناة التحتية وسكون النون وكسر الميم يقال: نميت الحديث بالتخفيف أنميه إذا بلغته على وجه الإصلاح وطلب الخير فإذا بلغته على وجه الإفساد