بن مالك بن أبي عامر) الأصبحي التميمي المدني (عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(آية المنافق) أي علامته (ثلاث) اسم جمع ولفظه مفرد والتقدير آية المنافق معدودة بالثلاث (إذا حدّث كذب) بتخفيف الذال المعجمة أي أخبر عن الشيء على خلاف ما هو به (وإذا ائتمن) بضم التاء (خان) في أمانته بأن تصرف فيها على خلاف الشرع (وإذا وعد) أحدًا خيرًا (أحلف) فلم يفِ لكن لو كان عازمًا على الوفاء فعرض له مانع فلا إثم عليه ولو وجدت الثلاثة في مسلم فهل يكون منافقًا. قال الخطابي: هذا القول إنما خرج على سبيل الإنذار للمسلم والتحذير له أن يعتاد هذه الخصال فيفضي به إلى النفاق لا أن من ندرت منه أو فعل شيئًا منها من غير اعتياد أنه منافق.
وقد سبق هذا الحديث في باب علامات المنافق من كتاب الإيمان.
2683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهم قَالَ: "لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَاءَ أَبَا بَكْرٍ مَالٌ مِنْ قِبَلِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَيْنٌ، أَوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا: قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ وَعَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا -فَبَسَطَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ- قَالَ جَابِرٌ: فَعَدَّ فِي يَدِي خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ".
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد الفرّاء أبو إسحاق الرازي المعروف بالصغير قال:
(أخبرنا هشام) هو ابن يوسف أبو عبد الرحمن اليماني قاضيها (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز أنه (قال أخبرني) بالإفراد (عمرو بن دينار عن محمد بن عليّ) أي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهم-) أنه (قال: لما مات النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جاء أبا بكر) الصديق -رضي الله عنه- (مال من قبل العلاء بن الحضرمي) بكسر القاف وفتح الموحدة وكان عاملاً لرسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على البحرين وأقرّه الشيخان عليها إلى أن مات سنة أربع عشرة (فقال أبو بكر) رضي الله عنه: (من كان له على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دين أو كانت له قبله) بكسر القاف وفتح الموحدة جهته (عدة) بتخفيف الدال أي وعد (فليأتينا) نَفِ له بذلك (قال جابر فقلت) له بعد أن أتيته (وعدني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يعطيني هكذا وهكذا وهكذا فبسط يديه) بالتثنية (ثلاث مرات قال جابر فعدّ) أبو بكر -رضي الله عنه- (في يدي خمسمائة ثم خمسمائة ثم خمسمائة) ثلاثًا كما وعده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثلاثًا ولما كان من خلقه الوفاء بالوعد نفذه أبو بكر بعد وفاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وقد سبق هذا الحديث في باب من تكفل عن الميت دينًا من الكفالة ويأتي إن شاء الله تعالى في فرض الخمس بعون الله وقوّته.
2684 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: "سَأَلَنِي يَهُودِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ: أَىَّ الأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ: لاَ أَدْرِي حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى حَبْرِ الْعَرَبِ فَأَسْأَلَهُ. فَقَدِمْتُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: قَضَى أَكْثَرَهُمَا وَأَطْيَبَهُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَالَ فَعَلَ".
وبه قال: (حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: حدّثني بالإفراد (محمد بن عبد الرحيم) أبو يحيى صاعقة قال: (أخبرنا سعيد بن سليمان) بكسر العين سعدويه البغدادي قال: (حدّثنا مروان بن شجاع) مولى مروان بن محمد بن الحكم القرشي الأموي الجزري (عن سالم الأفطس) بن عجلان (عن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي أنه (قال: سألني يهودي من أهل الحيرة) بكسر الحاء المهملة بلد معروف بالعراق. قال الحافظ ابن حجر: ولم أقف على اسم اليهودي (أي الأجلين قضى
موسى) أطولهما أو أقصرهما لما قال له صهره إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني أي أن تأجر نفسك مني ثماني حجج أي سنين فإن أتممت عشرًا فمن عندك أي فإتمامه من عندك تفضلاً لا من عندي إلزامًا عليك فتحصل البراءة من العهدة بفعل الأقل، ولذا قال: أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ أي فلا حرج عليّ قال سعيد بن جبير: (قلت) لليهودي: (لا أدري حتى أقدم) أي مكة (على حبر العرب) بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة ابن عباس، وعند أبي نعيم من حديث ابن عباس مرفوعًا: أن جبريل سمّاه بذلك (فاسأله) عن ذلك (فقدمت) مكة (فسألت ابن عباس) -رضي الله عنهما- (فقال قضى أكثرهما وأطيبهما) في نفس شعيب (إن رسول الله) موسى (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أو من اتّصف بالرسالة ولم يرد نبيًّا بعينه (إذا قال فعل) لأن محاسن الأخلاق النبوية مقتضية لذلك، وهذا رواه سعيد موقوفًا وهو في الحكم مرفوع لأن ابن عباس كان لا يعتمد على أهل الكتاب، وقد صرّح برفعه عكرمة عن ابن عباس كما عند ابن جرير عنه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "سألت جبريل أيّ