-رضي الله عنهما- وهو على المنبر) بالكوفة كما عن ابن حبان والطبراني (ويقول: أعطاني أبي) بشير بن سعد بن ثعلبة بن جلاس بضم الجيم وتخفيف اللام وضبطه الدارقطني بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام الأنصاري الخزرجي (عطية) كانت العطية غلامًا سألت أم النعمان أباه أن يعطيه إياه من ماله كما في مسلم (فقالت عمرة): بفتح العين وسكون الميم (بنت رواحة) بفتح الراء وبالحاء المهملة الأنصارية أم النعمان لأبيه (لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنك أعطيته ذلك على سبيل الهبة وغرضها بذلك تثبيت العطية (فأتى) بشير (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: إني أعطيت ابني) النعمان (من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله) على ذلك (قال) عليه الصلاة والسلام:

(أعطيت سائر ولدك مثل هذا)؟ الذي أعطيته النعمان (قال: لا) وعند ابن حبان والطبراني عن الشعبي: لا أشهد على جور، وتمسك به الإمام أحمد في وجوب العدل في عطية الأولاد أن تفضيل أحدهم حرام وظلم.

وأجيب: بأن الجور هو الميل عن الاعتدال والمكروه أيضًا جور، وقد زاد مسلم: أشهد على هذا غيري وهو إذن بالإشهاد على ذلك، وحينئذ فامتناعه عليه الصلاة والسلام من الشهادة على وجه التنزّه. واستضعف هذا ابن دقيق العيد بأن الصيغة وإن كان ظاهرها الإذن بهذا إلا أنها مُشعِرة بالتنفير الشديد عن ذلك الفعل حيث امتنع عليه الصلاة والسلام من مباشرة هذه الشهادة معلّلاً بإنها جور فتخرج الصيغة عن ظاهر الإذن بهذه القرائن وقد استعملوا مثل هذا اللفظ في مقصود التنفير.

(قال): (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) (قال: فرجع) بشير من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فردّ عطيته) التي أعطاها للنعمان. وفي الحديث كراهة تحمل الشهادة فيما ليس بمباح وإن الإشهاد في الهبة مشروع وليس بواجب: وأن للإمام الأعظم أن يتحمل الشهادة وتظهر فائدتها إما ليحكم في ذلك بعلمه عند من يجيزه أو يؤدّيها عند بعض نوّابه. وقول ابن المنير: إن فيه إشارة إلى سوء عاقبة الحرص والتنطع لأن عمرة لو رضيت بما وهبه زوجها لولده ما رجع فيه لما اشتد حرصها في تثبيت ذلك

أفضى إلى بطلانه، تعقبه في المصابيح بأن إبطالها ارتفع به جور وقع في القضية فليس ذلك من سوء العاقبة في شيء.

14 - باب هِبَةِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ وَالْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا

قَالَ إِبْرَاهِيمُ: جَائِزَةٌ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لاَ يَرْجِعَانِ. وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ. وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ». وَقَالَ الزُّهْرِيُّ -فِيمَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ- هَبِي لِي بَعْضَ صَدَاقِكِ أَوْ كُلَّهُ. ثُمَّ لَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا حَتَّى طَلَّقَهَا فَرَجَعَتْ فِيهِ قَالَ: يَرُدُّ إِلَيْهَا إِنْ كَانَ خَلَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَيْسَ فِي شَىْءٍ مِنْ أَمْرِهِ خَدِيعَةٌ جَازَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ} [النساء: 4].

(باب) حكم (هبة الرجل لامرأته و) حكم هبة (المرأة لزوجها. قال إبراهيم) بن يزيد النخعي فيما وصله عبد الرزاق: (جائزة) أي الهبة من الرجل لامرأته ومنها له. (وقال عمر بن عبد العزبز) فيما وصله عبد الرزاق: (لا يرجعان) أي الزوج فيما وهبه لزوجته ولا هي فيما وهبته له. (واستأذن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مما هو موصول في هذا الباب (نساءه في أن يُمرّض في بيت عائشة).

ووجه مطابقته للترجمة من حيث أن أمهات المُؤمنين وهبن له عليه الصلاة والسلام ما استحققن من الأيام ولم يكن لهن في ذلك رجوع فيما مضى وإن كان لهن الرجوع في المستقبل.

(وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): فيما يأتي إن شاء الله تعالى آخر الباب موصولاً (العائد في هبته) زوجًا كان أو غيره (كالكلب يعود في قيئه) (وقال الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب فيما وصله عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد عنه (فيمن قال لامرأته: هبي لي) أمر من وهب يهب وأصله أو هبي حذفت واوه تبعًا لفعله لأن أصل يهب يوهب فلما حذفت الواو استغنى عن الهمزة فحذفت فصار هبي على وزن علي (بعض صداقك أو) قال هبي لي (كله) فوهبته (ثم لم يمكث إلا يسيرًا حتى طلّقها فرجعت فيه. قال) الزهري (يرد) الزوج (إليها) ما وهبته (إن كان خلبها) بفتح الخاء المعجمة واللام والموحدة أي خدعها (وإن كانت أعطته) وهبته ذلك (عن طيب نفس) منها (ليس في شيء من أمره خديعة) لها (جاز) ذلك ولا يجب رده إليها. (قال الله تعالى) في سورة النساء: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسًا} [النساء: 4] قال البيضاوي الضمير للصداق حملاً على المعنى أو يجري

طور بواسطة نورين ميديا © 2015