(يا أبا هريرة هذا غلامك) يحتمل أن يكون وصفه أبو هريرة له عليه الصلاة والسلام فعرفه أو رآه مقبلاً إليه أو أخبره الملك. قال أبو هريرة: (فقلت هو حرٌّ لوجه الله فأعتقته) أي باللفظ المذكور

فالفاء تفسيرية وليس المراد أنه أعتقه بعد هذا بلفظ آخر (لم يقل) ولأبي ذر قال أبو عبد الله البخاري لم يقل (أبو كريب) هو محمد بن العلاء أحد مشايخه في روايته (عن أبي أسامة حر) بل قال لوجه الله فأعتقه وهذا وصله في أواخر المغازي.

2532 - حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: "لَمَّا أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-وَمَعَهُ غُلاَمُهُ- وَهْوَ يَطْلُبُ الإِسْلاَمَ فَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ... -بِهَذَا وَقَالَ- أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لِلَّهِ".

وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (شهاب بن عباد) بفتح العين وتشديد الموحدة أبو عمر العبدي الكوفي قال: (حدّثنا إبراهيم بن حميد) الرؤاسي بضم الراء وبعدها همزة فسين مهملة الكوفي (عن إسماعيل عن قيس) هو ابن أبي حازم البجلي أنه (قال: لما أقبل أبو هريرة -رضي الله عنه- ومعه غلامه) لم يسم (وهو يطلب الإسلام) جملة حالية (فضلّ أحدهما صاحبه) بالنصب على نزع الخافض أي من صاحبه كما في الطريق الأولى (بهذا) اللفظ السابق، وقوله فضلّ كذا هو في رواية أبي ذر لكنه ضبب عليه في فرع اليونينية. وقال في الهامش: الصواب فأضلّ أي معدّى بالهمزة وحينئذ لا يحتاج إلى تقدير (وقال: أما) بالتخفيف (إني أشهدك أنه) أي الغلام (لله) وهذا من الكناية كقوله لا ملك لي عليك ولا سبيل ولا سلطان أو أزلت ملكي عنك، وأما قوله له هو حر أو محرر أو حررته فصريح لا يحتاج إلى نيّة ولا أثر للخطأ في التذكير والتأنيث بأن يقول للعبد: أنت حرّة وللأمة أنت حرّ وفك الرقبة صريح على الأصح، ولو كانت أمته تسمى قبل جريان الرقّ عليها حرة فقال لها يا حرة فإن لم يخطر له النداء باسمها القديم عتقت فإن قصد نداءها لم تعتق على الأصح وقيل تعتق لأنه صريح، ولو كان اسمها في الحال حرة أو اسم العبد حر أو عتيق فإن قصد النداء لم يعتق، وكذا إن أطلق على الأصح.

وفي فتاوى الغزالي إنه لو اجتاز بالمكاس فخاف أن يطالبه بالمكس عن عبده فقال هو حرّ وليس بعبد وقصد الإخبار لم يعتق فيما بينه وبين الله تعالى وهو كاذب في خبره ومقتضى هذا أن لا يقبل ظاهرًا، ولو قيل لرجل استخبارًا: أطلّقت زوجتك؟ فقال: نعم فإقرار بالطلاق فإن كان كاذبًا فهي زوجته في الباطن فإن قال أردت طلاقًا ماضيًا وراجعت صدق بيمينه في ذلك وإن قيل له ذلك التماسًا لإنشاء فقال نعم فصريح، لأن نعم قائم مقام طلّقتها المراد بذكره في السؤال، وأنه لو قال لعبده: افرغ من هذا العمل قبل العشي وأنت حر، وقال أردت حرًّا من العمل دون العتق دين فلا يقبل ظاهرًا ولو قال لعبده يا مولاي فكناية ولو قال له يا سيدي قال القاضي حسين والغزالي هو لغو، وقال الإمام الذي أراه أنه كناية ولو قال لعبد غيره أنت حر فهو إقرار بحريته وهو باطل في الحال فلو ملكه حكمنا بعتقه مؤاخذة له بإقراره.

8 - باب أُمِّ الْوَلَدِ

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا».

(باب) حكم (أم الولد قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- فيما تقدم بمعناه موصولاً في الإيمان (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من أشراط الساعة أن تلد الأمة ربها) أي سيدها لأن ولدها من سيدها ينزل منزل سيدها لمصير مال الإنسان إلى ولده، ولا دلالة فيه على جواز بيع أم الولد ولا عدمه كما سبق تقريره في كتاب الإيمان فليراجع. وقال ابن المنير: استدلّ البخاري بقوله تلد الأمة ربها على إثبات حرية أم الولد وأنها لا تباع من جهة كونه من أشراط الساعة أي يعتق الرجل والمرأة أمهما الأمة ويعاملانها معاملة السيد تقبيحًا لذلك، وعدّه من الفتن ومن أشراط الساعة فدلّ على أنها محترمة شرعًا.

2533 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "إِنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنْ يَقْبِضَ إِلَيْهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ قَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي. فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَمَنَ الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدٌ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَقْبَلَ مَعَهُ بِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ. فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا ابْنُ أَخِي، عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِي، ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ. مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ. وَكَانَتْ سَوْدَةُ زَوْجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: حدّثني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن عتبة بن أبي وقاص) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: كان عتبة بن أبي وقاص (عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص) أحد العشرة المبشرة بالجنة (أن يقبض إليه ابن وليدة زمعة) بن قيس العامري ولم تسمِّ الوليدة نعم ذكر مصعب الزبيري في نسب قريش أنها كانت أمة يمانية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015