فإن عليه أن يعتق بقيته إن كان له مال وإلا استسعي العبد الحديث. (وموسى بن خلف) العمي فيما وصله الخطيب في كتاب الفصل للوصل من طريق أبي ظفر عبد السلام بن مطهر عنه كلهم (عن قتادة) بن دعامة، وأراد المؤلّف بهذا الرد على من زعم أن الاستسعاء في هذا الحديث غير محفوظ، وأن سعيد بن أبي عروبة تفرّد به فاستظهر له برواية جرير بن حازم لموافقته ثم ذكر ثلاثة تابعوهما على ذكرها فنفى عنه التفرّد ثم قال: (اختصره) أي الحديث (شعبة) هو ابن الحجاج وكأنه جواب عن سؤال مقدّر، وهو أن شعبة أحفظ الناس لحديث قتادة فكيف لا يذكر الاستسعاء فأجاب بأن هذا لا يؤثر فيه ضعفًا لأنه أورده مختصرًا وغيره بتمامه والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد.
ورواية شعبة أخرجها مسلم والنسائي من طريق غندر عنه عن قتادة بإسناده ولفظه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المملوك بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه قال "يضمن".
ومن طريق معاذ عن شعبة بلفظ: "من أعتق شقصًا من مملوك فهو حر من ماله" وقد اختصر ذكر السعاية أيضًا هشام الدستوائي عن قتادة إلا أنه اختلف عليه في إسناده فمنهم من ذكر فيه النضر بن أنس، ومنهم من لم يذكره. وقد أجاب أصحابنا الشافعية عن الأحاديث المذكور فيها السعاية بأجوبة.
أحدها: أن الاستسعاء مدرج في الحديث من كلام قتادة لا من كلامه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما رواه همام بن يحيى عن قتادة بلفظ: إن رجلاً أعتق شقصًا من مملوك فأجاز النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عتقه وغرمه بقية ثمنه قال قتادة: إن لم يكن له مال استسعي العبد غير مشقوق عليه أخرجه الدارقطني والخطابي والبيهقي وفيه
فصل السعاية من الحديث وجعلها من قول قتادة. وقال ابن المنذر والخطابي في معالم السنن: هذا الكلام لا يثبته أكثر أهل النقل مسندًا عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويزعمون أنه من كلام قتادة، واستدلّ له ابن المنذر برواية همام وقد ضعف الشافعي -رضي الله عنه- أمر السعاية فيما ذكره عنه البيهقي بوجوه.
منها: أن شعبة وهشامًا الدستوائي رويا هذا الحديث ليس فيه استسعاء وهما أحفظ.
ومنها: أن الشافعي -رضي الله عنه- سمع بعض أهل النظر والقياس والعلم بالحديث يقول: لو كان حديث سعيد بن أبي عروبة في الاستسعاء منفردًا لا يخالفه غيره ما كان ثابتًا قال الشافعي -رضي الله عنه- في القديم: وقد أنكر الناس حفظ سعيد. قال البيهقي: وهذا كما قال الشافعي فقد اختلط سعيد بن أبي عروبة في آخر عمره حتى أنكروا حفظه، إلا أن حديث الاستسعاء قد رواه أيضًا جرير بن حازم عن قتادة، ولذلك أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح، واستشهد البخاري برواية الحجاج بن الحجاج وأبان وموسى عن قتادة فذكر الاستسعاء فيه، وإنما يضعف الاستسعاء في هذا الحديث رواية همام بن يحيى عن قتادة فإنه فصله من الحديث وجعله من قول قتادة، ولعل الذي أخبر الشافعي بضعفه وقف على رواية همام أو عرف علة أخرى لم يقف عليها اهـ.
فجزم هؤلاء الأثمة بأنه مدرج وأبى ذلك جماعة منهم الشيخان فصحّحا كون الجميع مرفوعًا وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه من همام وغيره، وهمام وشعبة وإن كانا أحفظ من سعيد لكنهما لم ينفيا ما رواه، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه وليس المجلس متحدًّا حتى يتوقف في زيادة سعيد فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره وهذا كله لو انفرد وسعيد لم ينفرد، وقد قال النسائي في حديث قتادة عن أبي المليح في هذا الباب بعد أن ساق الاختلاف فيه على قتادة هشام: وسعيد أثبت في قتادة من همام وما أعلّ به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرد به مردود لأنه في الصحيحين وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كيزيد بن زريع، ووافقه عليه أربعة تقدم ذكرهم وآخرون معهم يطول ذكرهم وهمام هو الذي انفرد بالتفصيل، وهو الذي خالف