وللكشميهني. فكفئت أريقت بما فيها من المرق واللحم زجرًا لهم وقد مر ما فيه من البحث في باب الغنم قريبًا، (ثم عدل) عليّ رواية فعدل (عشرًا) ولأبي ذر: عشرة بإثبات تاء التأنيث، لكن قال ابن مالك: لا يجوز إثباتها (من الغنم بجزور) أي سوّاها به (ثم إن بعيرًا منها ندّ)

أي هرب (وليس في القوم إلا خيل يسيرة فرماه رجل) وسقط ضمير النصب لأبي ذر (فحبسه بسهم) أصابه وفي الرواية السابقة فحبسه الله (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(إن لهذه البهائم) أي الإبل (أوابد كأوابد الوحش) كنفراته (فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا) أي ارموه بالسهم (قال) عباية (قال جدي) رافع بن خديج (يا رسول الله إنّا نرجو أو) قال (نخاف أن نلقى العدوّ غدًا وليس معنا مدى) جمع مدية أي سكين وإن استعملنا السيوف في الذبح تكلّ عند لقاء العدوّ عن المقاتلة (أفنذبح بالقصب؟ فقال) ولأبي ذر: قال: (اعجل) بفتح الجيم (أو) قال (أرني) بهمزة مفتوحة وراء ساكنة ونون مكسورة وياء حاصلة من إشباع كسرة النون وليست ياء إضافة على ما لا يخفى، ولأبي ذر: أرن بكسر الراء وسكون النون وهي بمعنى أعجل أي أعجل ذبحها لئلا تموت خنقًا فإن الذبح إذا كان بغير حديد احتاج صاحبه إلى خفة يد وسرعة (ما أنهر الدم) أراقه بكثرة (وذكر اسم الله عليه فكلوا) الضمير في فكلوا لا يصح عوده على ما ولا بدّ من رابط يعود على ما من الجملة أو ملابسها فيقدر أي فكلوا مذبوحة ويحتمل أن يقدّر ذلك مضافًا إلى ما ولكنه حذف والتقدير

مذبوح ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه (ليس السن والظفر) نصب على الاستثناء أو أن ليس ناسخة واسمها ضمير راجع للبعض المفهوم مما تقدم كما مرّ (وسأحدّثكم عن) علة (ذلك أما السن فعظم) يتنجس بالدم وقد نهيتم عن تنجيسه بالاستنجاء لأنه زاد إخوانكم من الجن (وأما الظفر فمدى الحبشة) ولا يجوز التشبه بهم. وهذا الحديث قد سبق قريبًا في باب قسمة الغنم.

بسم الله الرحمن الرحيم

48 - باب فِى الرَّهْنِ فِى الْحَضَرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283].

(بسم الله الرحمن الرحيم كتاب) بالتنوين (في الرهن في الحضر)، وللكشميهني: كتاب الرهن، ولغير أبي ذر باب بالتنوين بدل كتاب في الرهن، وفي النسخة المقروءة على الميدومي: كتاب الرهن باب الرهن في الحضر، ولابن شبويه: باب ما جاء إلى آخره والرهن لغة الثبوت ومنه الحالة الراهنة أي الثابتة، وقال الإمام الاحتباس ومنه {كل نفس بما كسبت رهينة} وشرعًا جعل عين متموّلة وثيقة بدين يستوفى منها عند تعذر وفائه ويطلق أيضًا على العين المرهونة تسمية للمفعول باسم المصدر، (وقوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة} [البقرة: 283] بكسر الراء وفتح الهاء وألف بعدها جمع رهن وفعل وفعال يطرد كثيرًا نحو: كعب وكعاب وكلب وكلاب، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: فرهن بضم الراء والهاء من غير ألف جمع رهن وفعل يجمع على فعل نحو سقف وسقف وهي قراءة أبي عمرو وابن كثير وابن محيصن واليزيدي. قال أبو عمرو بن العلاء: إنما قرأت فرهن للفصل بين الرهان في الخيل وبين جمع رهن في غيرها، ومعنى الآية كما قال القاضي -رحمه الله- فارهنوا واقبضوا لأنه مصدر جعل جزاء للشرط بالفاء فجرى مجرى الأمر كقوله: {فتحرير رقبة} [النساء: 92] {فضرب الرقاب} [محمد: 4] وقيده في الترجمة بالحضر إشارة إلى أن التقييد بالسفر في الآية خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له لدلالة الحديث على مشروعيته في الحضر وهو قول الجمهور، واحتجوا له من حيث المعنى بأن الرهن شرع على الذين لقوله تعالى: {فإن أمن بعضكم بعضًا} [البقرة: 283] فإنه يشير إلى أن المراد بالرهن الاستيثاق وإنما قيده بالسفر

لأنه مظنة فقد الكاتب فأخرجه مخرج الغالب وخالف في ذلك مجاهد والضحاك فيما نقله الطبري عنهما فقالا: لا يشرع إلا في السفر حيث لا يوجد الكاتب، وبه قال داود وأهل الظاهر وفي رواية

أبي ذر وقول الله تعالى: {فرهان مقبوضة} كذا في الفرع وهو ينافي قول الحافظ ابن حجر وكلهم ذكر الآية من أولها.

2508 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: "وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ. وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا أَصْبَحَ لآلِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلاَّ صَاعٌ وَلاَ أَمْسَى، وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ".

وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: (حدّثنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015