(إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في الفتح (فقالت: يا رسول الله بايعه) بسكون العين أي عاقده على الإسلام (فقال) عليه الصلاة والسلام:
(هو صغير فمسح رأسه ودعا له) أي بالبركة.
(وعن زهرة بن معبد) بالإسناد السابق (أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق فيشتري الطعام فيلقاه ابن عمر) عبد الله (وابن الزبير) عبد الله (-رضي الله عنهم- فيقولان له) أي لعبد الله بن هشام (أشركنا) بوصل الهمزة في الفرع وفتح الراء وكسرها وفي غيره وهو الذي في اليونينية لا غير بقطعها مفتوحة وكسر الراء أي جعلنا شريكين لك في الطعام الذي اشتريته (فإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد دعا لك بالبركة فيشركهم) بفتح الياء والراء (فربما أصاب) أي من الربح (الراحلة كما هي) أي بتمامها (فيبعث بها إلى المنزل) والراحلة يحتمل أن يراد بها المحمول من الطعام وأن يراد بها
الحامل والأول أولى لأن سياق الكلام وارد في الطعام، وقد ذهب المظهري إلى المجموع حيث قال: يعني ربما يجد دابة متاع على ظهرها فيشتريها من الربح ببركة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله أشركنا لكونهما طلبا منه الاشتراك في الطعام الذي اشتراه فأجابهما إلى ذلك وهم من الصحابة ولم ينقل عن غيرهم ما يخالف ذلك فيكون حجة، والجمهور على صحة الشركة في كل ما يتملك والأصح عند الشافعية اختصاصها بالمثلي، لكن من أراد الشركة مع غيره في العروض المتقوّمة باع أحدهما نصف عرضه بنصف عرض صاحبه وتقابضا أو باع كل منهما بعض عرضه لصاحبه بثمن في الذمة وتقابضا كما صرّح به في الروضة وأذن بعد ذلك كل منهما للآخر في التصرف سواء تجانس العرضان أم اختلفا، وإنما اعتبر التقابض ليستقر الملك، وعن المالكية تكره الشركة في الطعام والراجح عندهم الجواز.
(باب الشركة في الرقيق) بفتح الشين وكسر الراء.
2503 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى مَمْلُوكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ: وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ».
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا جويرية بن أسماء) الضبعي (عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(من أعتق شركًا) بكسر الشين المعجمة وسكون الراء نصيبًا. قال ابن دقيق العيد: وهو في الأصل مصدر لا يقبل العتق وأطلق على متعلقه وهو المشترك وعلى هذا لابدّ من إضمار تقديره جزء مشترك أو ما يقارب ذلك لأن المشترك في الحقيقة هو جملة العين أو الجزء العين منها إذا أفرد بالتعيين كاليد والرجل مثلاً وأما النصيب المشاع فلا اشتراك فيه انتهى.
وحينئذٍ فيكون من إطلاق المصدر على المفعول أم من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أو أطلق الكل على البعض، وهذا موضع الترجمة لأن الإعتاق مبني على صحة الملك فلو لم تكن الشركة في الرقيق صحيحة لما ترتب عليها صحة العتق وفي رواية سبقت من أعتق شقصًا وفي أخرى شقيصًا.
(له في مملوك) شامل للذكر والأنثى (وجب عليه أن يعتق) بضم أوله وكسر المثناة الفوقية (كله) قال في المصابيح: الغالب على كل أن تكون تابعة نحو: جاء القوم كلهم وحيث تخرج عن التبعية فالغالب أن لا يعمل فيها إلا ابتداء ووقعت هنا في غير الغالب قال: ويحتمل أن يجري فيه
على غير الغالب بأن يجعل كله تأكيدًا لضمير محذوف أي يعتقه كله بناء على جواز حذف المؤكد وبقاء التأكيد، وقد قال به إماما أهل العربية الخليل وسيبويه انتهى.
وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن يكون المعتق والشريك والعبد مسلمين أو كفارًا أو بعضهم كفّارًا.
وبه قال الشافعية وعند الحنابلة وجهان فيما لو أعتق الكافر شركًا له من عبد مسلم هل يسري عليه أم لا؟ وقال المالكية: إن كانوا كفارًا فلا سراية وإن كان المعتق كافرًا دون شريكه فهل يسري عليه أم لا يسري فيما إذا كان العبد مسلمًا دون ما إذا كان كافرًا: ثلاثة أقوال. وإن كانا كافرين والعبد مسلمًا فروايتان وإن كان المعتق