شقيصًا) بفتح الشين المعجمة وبعد القاف المكسورة تحتية ساكنة فصا مهملة نصيبًا وزنًا ومعنى (من مملوكه فعليه خلاصه في ماله) أي فعليه أداء قيمة الباقي من ماله ليتخلص من الرق
(فإن لم يكن له) أي للذي أعتق (مال قوّم المملوك) أي كله (قيمة عدل) نصب على المفعول المطلق والعدل بفتح العين أي قيمة استواء لا زيادة فيها ولا نقص (ثم أستسعي) بضم تاء الاستفعال على البناء للمفعول أي ألزم العبد الاكتساب لقمة نصيب الشريك ليفك بقية رقبته من الرق (غير مشقوق) أي مشدّد (عليه) في الاكتساب إذا عجز وغير نصب على الحال من الضمير المستتر العائد على العبد وعليه في محل رفع نائب عن الفاعل ولم يذكر بعض الرواة السعاية فقيل هي مدرجة في الحديث من قول قتادة ليست من كلامه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وبذلك صرح النسائي وغيره والقول بالسعاية مذهب أبي حنيفة وخالفه صاحباه والجمهور.
ويأتي إن شاء الله تعالى بقية المباحث المتعلقة بذلك في كتاب العتق.
ومطابقة الحديث للترجمة لا تخفى وقد أخرجه أيضًا في العتق وفي الشركة ومسلم في العتق والنذور وأبو داود في العتق والترمذي في الأحكام والنسائي في العتق وابن ماجة في الأحكام.
هذا (باب) بالتنوين (هل يقرع) بضم أوله وفتح ثالثه وكسره من القرعة (في القسمة) بين الشركاء (والاستهام فيه) أي في أخذ السهم وهو النصيب قال الكرماني والضمير في فيه عائد إلى القسم أو المال الذي تدل عليهما القسمة. وقال في الفتح: على القسم بدلالة القسمة، وتعقبهما في عمدة القاري فقال: كلاهما بمعزل عن نهج الصواب ولم يذكر هنا قسم ولا مال حتى يعود الضمير إليه بل الضمير يعود إلى القسمة والتذكير باعتبار أن القسمة هنا بمعنى القسم وفي المغرب القسم اسم من أسماء الاقتسام وجواب هل محذوف تقديره نعم يقرع.
2493 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا». [الحديث 2493 - طرفه في: 2686].
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين الكوفي قال: (حدّثنا زكريا) بن أبي زائدة خالد ويقال هبيرة بن ميمون بن فيروز الهمداني الوادعي الكوفي الثقة لكنه كان يدلس (قال: سمعت عامرًا) الشعبي (يقول: سمعت النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(مثل القائم على حدود الله) الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر (والواقع فيها) أي في الحدود التارك للمعروف والمرتكب للمنكر (كمثل قوم استهموا) اقترعوا (على سفينة) مشتركة بينهم بالإجارة أو الملك تنازعوا في المقام بها علوًّا أو سفلاً (فأصاب بعضهم) بالقرعة (أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين) وللحموي والمستملي: فكان الذي (في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم).
قال في المصابيح: يظهر لي أن قوله الذي صفة لموصوف مفرد اللفظ كالجمع فاعتبر لفظه فوصف بالذي واعتبر معناه فأعيد عليه ضمير الجماعة في قوله إذا استقوا وهو أولى من أن يجعل الذي مخففًا من الذين بحذف النون انتهى.
وفي الشهادات: فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به.
(فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ) بضم النون وسكون الهمزة وبالذال المعجمة أي لم نضر (من فوقنا) وفي الشهادات فأخذ فأسًا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا ما لك قال تأذيتم بي ولا بدّ لي من الماء (فإن يتركوهم وما أرادوا) من الخرق في نصيبهم (هلكوا جميعًا) أهل العلو والسفل لأن من لازم خرق السفينة غرقها وأهلها (وإن أخذوا على أيديهم) منعوهم من الخرق (نجوا) أي الآخذون (ونجوا جميعًا) أي جميع من في السفينة وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها.
ومطابقة الحديث للترجمة غير خفية وفيه وجوب الصبر على أذى الجار إذا خشي وقوع ما هو أشد ضررًا وأنه ليس لصاحب السفل أن يحدث على صاحب العلو ما يضرّ به وأنه إن أحدث عليه ضررًا لزمه إصلاحه، وأن لصاحب العلو منعه من الضرر وفيه جواز قسمة العقار المتفاوت بالقرعة.
قال