الشركة في الدراهم والدنانير بالإجماع وكذا في سائر المثليات كالبرّ والحديد لأنها إذا اختلطت بجنسها ارتفع عنها التمييز فأشبهت النقدين، وأن يخلطا قبل العقد ليتحقق معنى الشركة وسقط لفظ باب في رواية أبي ذر وقال في الشركة بكسر المعجمة وسكون الراء كما في الفرع ولم يضبطه في أصله، وفي رواية النسفيّ وابن شبويه كتاب الشركة.
(في الطعام) الآتي حكمه في باب مفرد (والنهد) بكسر النون، ولأبي ذر: والنهد بفتحها والهاء في الروايتين ساكنة وهو إخراج القوم نفقاتهم على قدر عدد الرفقة وخلطها عند المرافقة في السفر وقد يتفق رفقة فيصنعونه في الحضر كما سيأتي إن شاء الله تعالى. (والعروض) بضم العين جمع عرض بسكون الراء مقابل النقد ويدخل فيه الطعام (وكيف قسمة ما يكال ويوزن) هل تجوز قسمته (مجازفة أو) لا بدّ من الكيل في المكيل والوزن في الموزون كما قال (قبضة قبضة) يعني متساوية (لما) بفتح اللام وتشديد الميم في أصلين مقايلين على اليونينية وغيرهما مما وقفت عليه. وقال الحافظ ابن حجر وتبعه العيني: لما بكسر اللام وتخفيف الميم (لم ير المسلمون في النهد بأسًا أن) أي بأن (يأكل هذا بعضًا وهذا بعضًا) مجازفة (وكذلك مجازفة الذهب) بالفضة (والفضة) بالذهب لجواز التفاضل في ذلك كغيره مما يجوز التفاضل فيه مما يكال أو يوزن من المطعومات ونحوها (والقران) بالجر عطفًا على سابقه، وفي رواية والإقران (في التمر) وقد ذكره في المظالم والذي في اليونينية وفرعها رفع القران والإقران لا غير.
2483 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فَكَانَ مِزْوَدَىْ تَمْرٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلاً قَلِيلاً حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلاَّ تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، -فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ- قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا". [الحديث 2483 - أطرافه في: 2983، 4360، 4361، 4362، 5493، 5494].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن وهب بن كيسان) بفتح الكاف (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما- أنه قال بعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثًا قبل الساحل) في رجب سنة ثمانٍ من الهجرة والساحل شاطئ البحر (فأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح) بفتح الجيم وشديد الراء وبعد الألف حاء مهملة واسم أبي عبيدة عامر بن عبد الله (وهم) أي البعث (ثلاثمائة وأنا فيهم فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد) أي أشرف على الفناء (فأمر) الأمير (أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع ذلك كله فكان مزودي تمر) بكسر الميم وإسكان الزاي وفتح الواو والدال وسكون المثناة التحتية تثنية مزود ما يجعل فيه الزاد كالجراب (فكان يقوّتنا) بتشديد الواو وحذف الضمير، ولأبي ذر عن الكشميهني: يقوّتناه (كل يوم) بالنصب على الظرفية (قليلاً قليلاً) بالنصب كذا في رواية أبي ذر عن الكشميهني وفي رواية عن الحموي والمستملي: يقوّتنا بفتح أوّله وضم القاف وسكون الواو كل يوم قليل قليل بالرفع (حتى فني) أكثره (فلم يكن يصيبنا إلا تمرة
تمرة) قال وهب بن كيسان (فقلت) لجابر (وما تغني تمرة): أي عن الجوع (فقال) جابر (لقد وجدنا فقدها حين فنيت) مؤثرًا وفي رواية أبي الزبير عن جابر عند مسلم فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عيها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل (قال) أي جابر (ثم انتهينا إلى) ساحل (البحر فإذا حوت مثل الظرب) بظاء معجمة مشالة مفتوحة فراء مكسورة فموحدة: أي الجبل الصغير وضبط أيضًا في الفرع بكسر الطاء وسكون الراء أي منبسط ليس بالعالي (فأكل منه ذلك الجيش) الثلاثمائة (ثماني عشرة ليلة ثم أمر أبو عبيدة) بن الجراح (بضلعين) بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام (من أضلاعه فنصبا) استشكل إسقاط تاء التأنيث لأن الضلع مؤنثة. وأجيب: بأن تأنيثها غير حقيقي فيجوز التذكير (ثم أمر براحلة فرحلت ثم مرت تحتهما) أي تحت الضلعين (فلم تصبهما).
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع لأنه لما كان يفرق عليهم قليلاً قليلاً صار في معنى النهد، واعترض بأنه ليس فيه ذكر المجازفة لأنهم لم يريدوا المبايعة ولا البذل. وأجيب: بأن حقوقهم تساوت فيه بعد جمعهم فتناولوه مجازفة كما جرت العادة.
وهذا الحديث أخرجه