في قوله ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم لأنه يستفاد منه التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، ومفهوم الترجمة أنه إذن جاز ومحله في المنهوب المبتاع كالطعام يقدم للقوم فلكلٍّ منهم أن يأكل مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه.
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الحدود ومسلم في الإيمان والنسائي في الأشربة وابن ماجة في الفتن.
(وعن سعيد) هو ابن المسيب (وأبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) - رضي الله عنه- (عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله) أي مثل حديث أبي بكر بن عبد الرحمن (إلا النهبة) فلم يذكرها فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادتها.
(قال الفربري) محمد بن يوسف (وجدت بخط أبي جعفر) هو ابن أبي حاتم ورّاق المؤلّف. (قال أبو عبد الله) أي المؤلّف (تفسيره) أي تفسير قوله: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن (أن ينزع منه يريد الإيمان) كذا في فرعين لليونينية وروايته فيها عن المستملي بلفظ يريد من الإرادة. وقال في فتح الباري: نور الإيمان والإيمان هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان ونوره الأعمال الصالحة واجتناب المناهي فإذا زنى أو شرب الخمر أو سرق ذهب نوره وبقي صاحبه في الظلمة.
(باب كسر الصليب وقتل الخنزير).
2476 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ».
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) بن جعفر المديني البصري قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب) أنه (سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(لا تقوم الساعة) أي القيامة (حتى ينزل فيكم) أي في هذه الأمة (ابن مريم) عيسى صلوات الله وسلامه عليه (حكمًا) بفتح الحاء والكاف أي حاكمًا (مقسطًا) عادلاً في حكمه فيحكم بالشريعة الحميدية (فيكسر الصليب) الذي اتخذه النصارى زاعمين أن عيسى عيه الصلاة والسلام صلب على خشبة على تلك الصورة وفي كسره له إشعار بأنهم كانوا على الباطل في تعظيمه والفاء في قوله فيكسر الصليب تفصيلية لقوله حكمًا مقسطًا (ويقتل الخنزير) بنصب يقتل عطفًا على فيكسر المنصوب وكذا قوله (ويضع الجزية) يتركها فلا يقبل من الكفار إلا الإسلام (ويفيض المال) بفتح الياء وكسر الفاء والنصب عطفًا على السابق ولأبي ذر ويفيض بالرفع على الاستئناف أي يكثر (حتى لا يقبله أحد) لعلمهم بقيام الساعة وأشار المؤلّف بإيراد هذا الحديث هنا إلى أن من كسر صليبًا أو قتل خنزيرًا لا يضمن لأنه فعل مأمورًا به، لكن محله إذا كان مع المحاربين أو الذمي إذا جاوز الحد الذي عوهد
عليه فإذا لم يجاوزه وكسره مسلم كان متعديًّا لأنهم على تقديرهم على ذلك يؤدون الجزية.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في أحاديث الأنبياء وتقدم من وجه آخر في باب قتل الخنزير في أواخر البيوع، وأخرجه مسلم في الإيمان وابن ماجة في الفتن.
فَإِنْ كَسَرَ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ طُنْبُورًا أَوْ مَا لاَ يُنْتَفَعُ بِخَشَبِهِ. وَأُتِيَ شُرَيْحٌ فِي طُنْبُورٍ كُسِرَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَىْء.
هذا (باب) بالتنوين (هل تكسر الدنان) بكسر الدال جمع دن الحب وهو الخابية فارسي معرّب (التي فيها الخمر) صفة للدنان ولأبي ذر فيها خمر بالتنكير (أو تخرق الزقاق) بضم التاء وفتح الخاء المعجمة والراء مبنيًّا للمفعول عطفًا على هل تكسر الدنان والزقاق بكسر الزاي جمع زق أي التي فيها الخمر أيضًا فيه تفصيل وإن كانت الأوعية بحيث تراق وإذا غسلت طهرت وينتفع بها لم يجز إتلافها وإلاّ جاز، وقال أبو يوسف وأحمد في رواية: إن كان الدن أو الزق لمسلم لم يضمن، وقال محمد بن
الحسن وأحمد في رواية يضمن لأن الإراقة بغير الكسر ممكنة وإن كان الدن لذمي، فقال الحنفية يضمن بلا خلاف لأنه مال متقوّم في حقهم، وقال الشافعي وأحمد: لا يضمن لأنه غير متقوّم في حق المسلم فكذا في حق الذمي وإن كان الدن لحربي فلا يضمن بلا خلاف، وعن مالك زق الخمر لا يطهره الماء لأن الخمر غاص فيه (فإن كسر صنمًا) ما يتخذ إلهًا من دون الله ويكون من خشب وغيره حديد ونحاس وغيرهما (أو) كسر (صليبًا أو طنبورًا) بضم الطاء والموحدة بينهما نون ساكنة آلة