يكون حالاً (كمواقع القطر) أي المطر وهو كناية عن كثرة وقوع الفتن بالمدينة والرؤية هنا بمعنى النظر أي كشف لي فأبصرتها عيانًا.
وقد سبق هذا الحديث في أواخر الحج ويأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوّته في كتاب الفتن.
2468 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَلَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ -رضي الله عنه- عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإِدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ، حَتَّى جَاءَ فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإِدَاوَةِ فَتَوَضَّأَ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنِ الْمَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللَّتَانِ قَالَ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} فَقَالَ: وَاعَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ. ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ -وَهْيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ- وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الأَمْرِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ. وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ،
فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي. فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ. فَأَفْزَعَنِي. فَقُلْتُ: خَابَتْ مَنْ فَعَلَ مِنْهُنَّ بِعَظِيمٍ. ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِي فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ أَىْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: خَابَتْ وَخَسِرَتْ، أَفَتَأْمَنُ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ لِغَضَبِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَهْلِكِينَ؟ لاَ تَسْتَكْثِرِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَىْءٍ وَلاَ تَهْجُرِيهِ. وَاسْأَلِينِي مَا بَدَا لَكِ. وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يُرِيدُ عَائِشَةَ). وَكُنَّا تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ النِّعَالَ لِغَزْوِنَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ عِشَاءً فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ: أَنَائِمٌ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، وَقَالَ: حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ، أَجَاءَتْ غَسَّانُ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ وَأَطْوَلُ، طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءَهُ. قَالَ: قَدْ خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ. كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ فَجَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ مَشْرُبَةً لَهُ فَاعْتَزَلَ فِيهَا. فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي. قُلْتُ مَا يُبْكِيكِ، أَوَ لَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ؟ أَطَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي، هُوَ ذَا فِي الْمَشْرُبَةِ. فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ الْمِنْبَرَ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْمَشْرُبَةَ الَّتِي هُوَ فِيهَا، فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ. فَدَخَلَ فَكَلَّمَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ. فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ -فَذَكَرَ مِثْلَهُ- فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ فَجِئْتُ الْغُلاَمَ فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ -فَذَكَرَ مِثْلَهُ- فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا فَإِذَا الْغُلاَمُ يَدْعُونِي قَالَ: أَذِنَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: طَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَىَّ فَقَالَ: لاَ. ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى قَوْمٍ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ ... فَذَكَرَهُ. فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقُلْتُ لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يُرِيدُ عَائِشَةَ)، فَتَبَسَّمَ أُخْرَى. فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ. ثُمَّ رَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ الْبَصَرَ غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَوَفِي شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَغْفِرْ لِي. فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، مِنْ شِدَّةِ مَوْجَدَتِهِ
عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ. فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، وَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ. قَالَتْ: قَدْ أَعْلَمُ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِكَ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} -إِلَى قَوْلِهِ- {عَظِيمًا} " قُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ. فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله المخزومى مولاهم المصري قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور) بالمثلثة وضم العين وفتح الموحدة في العبد الأول المدني مولى بني نوفل (عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-) أنه (قال: لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنه- عن المرأتين من أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللتين قال الله) عز وجل (لهما {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}) [التحريم: 4] (فحججت معه) ولابن مردويه في رواية يزيد بن رومان عن ابن عباس أردت أن أسأل عمر فكنت أهابه حتى حججنا معه فلما قضينا حجنا (فعدل) عن الطريق المسلوكة إلى طريق لا تسلك غالبًا ليقضي حاجته (وعدلت معه بالإداوة) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء كالسطيحة (فتبرز) أي خرج إلى الفضاء لقضاء حاجته (حتى) ولأبي ذر: ثم (جاء) من البراز (فسكبت على يديه) ماء (من الإداوة فتوضأ فقلت) له عقب وضوئه (يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللتان قال لهما) ولأبي ذر قال الله عز وجل لهما: ({إن تتوبا إلى الله}) أي من التعاون والتظاهر على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقال) ولأبي ذر: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما. فقال أي عمر: (واعجبي لك يا ابْنَ عباس) بكسر الموحدة وسكون المثناة التحتية، وللأصيلي وأبي ذر عن الحموي: واعجبًا بالتنوين نحو: يا رجلاً وفي نسخة مقابلة على اليونينية أيضًا بالألف في آخره من غير تنوين نحو: وازيدا.
قال الكرماني: يندب على التعجب وهو إما تعجب من ابن عباس كيف خفي عليه هذا الأمر مع شهرته بينهم بعلم التفسير وإما من جهة حرصه على سؤاله عما لا يتنبه له إلا الحريص على العلم من تفسير ما أبهم في القرآن.
وقال ابن مالك في التوضيح: "وا" في قوله واعجبًا اسم فعل إذا نوّن عجبًا بمعنى أعجب
ومثله وي وجيء بقوله عجبًا توكيدًا وإذا لم ينوّن فالأصل فيه واعجبي فأبدلت المثناة التحتية ألفًا وفيه
استعمال "وا" في غير الندبة كما هو رأي المبرد، وقال الزمخشري قاله تعجبًا كأنه كره ما سأله عنه
(عائشة وحفصة) هما المرأتان اللتان قال الله تعالى لهما: {إن تتوبا إلى الله}.
(ثم استقبل عمر) -رضي الله عنه- (الحديث) حال كونه (يسوقه فقال: إني كنت وجار لي من الأنصار) هو عتبان بن مالك بن عمرو العجلاني الخزرجي كما عن ابن بشكوال، والصحيح أنه أوس بن خولي بن عبد الله بن الحرث الأنصاري كما سماه ابن سعد من وجه آخر عن الزهري عن عروة عن عائشة في حديث ولفظه: فكان عمر مواخيًا أوس بن خولي لا يسمع شيئًا إلا حدّثه ولا يسمع عمر شيئًا إلا حدّثه فهذا هو المعتمد، ولا يلزم من كونه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخى بين عتبان وعمر أن يتجاوزا. فالأخذ بالنص مقدّم على الأخذ بالاستنباط وقوله وجار بالرفع عطفًا على الضمير المرفوع المتصل الذي في كنت بدون فاصل على مذهب الكوفيين وهو قليل.
وفي رواية في باب التناوب في كتاب العلم كنت أنا وجار لي وهذا مذهب البصريين لأن عندهم لا يصح العطف بدون إظهار أنا حتى لا يلزم عطف الاسم على الفعل والكوفيون لا يشترطون ذلك وجوّز الزركشي والبرماوي النصب، وقال الكرماني إنه الصحيح عطفًا على الضمير في قوله "إني".
قال في المصبيح: لكن الشأن في الرواية وأيضًا فالظاهر أن قوله (في بني أمية بن زيد) بضم الهمزة خبر كان وجملة كان ومعموليها خبر إن فإذا جعلت جارًا معطوفًا على اسم إن لم يصح كون الجملة المذكورة خبرًا لها إلا بتكلف حذف لا داعي له انتهى.
وقوله في بني أمية في موضع جر صفة لسابقه أي وجار لي من الأنصار