لقب واسمه عبد الملك من طبقة مالك واحتج به البخاري وأصحاب السُّنن وروى له مسلم حديثًا واحدًا وهو حديث الإفك وهو ثقة لكنه كثير الخطأ وضعّفه ابن معين وأبو داود. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب وهو عندي لا بأس به انتهى.

قال الحافظ ابن حجر لم يعتمد عليه البخاري اعتماده على مالك وابن عيينة وأضرابهما وإنما أخرج له أحاديث أكثرها في المتابعات وبعضها في الرقاق. (عن هلال بن علي) العامري المدني وقد ينسب إلى جدّه أسامة (عن عبد الرحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وسكون الميم آخره هاء تأنيث الأنصاري النجاري يقال ولد في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال ابن أبي حاتم ليست له صحبة (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: ما من مؤمن إلا وأنا) بالواو ولأبى الوقت إلا أنا (أولى) أحق الناس (به في) كل شيء من أمور (الدنيا والآخرة اقرؤوا إن شئتم) قوله تعالى: ({النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم}) [الأحزاب: 6] قال بعض الكبراء إنما كان عليه الصلاة والسلام أولى بهم من أنفسهم لأن أنفسهم تدعوهم إلى الهلاك وهو يدعوهم إلى النجاة. قال ابن عطية: ويؤيده فى قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها" ويترتب على كونه أولى بهم من أنفسهم أنه يجب عليهم إيثار طاعته على شهوات أنفسهم وإن شقّ ذلك عليهم وأن يحبوه أكثر من محبتهم لأنفسهم ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ووالده" الحديث.

واستنبط بعضهم من الآية أن له عليه الصلاة والسلام أن يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج إليهما إذا احتاج عليه الصلاة والسلام إليهما وعلى صاحبهما البذل ويفدي بمهجته نبيّه صلوات الله وسلامه عليه، وأنه لو قصده عليه الصلاة والسلام ظالم وجب على من حضره أن يبذل نفسه دونه ولم يذكر عليه الصلاة والسلام عند نزول هذه الآية ما له في ذلك من الحظ وإنما ذكر ما هو عليه فقال:

(فأيما مؤمن مات وترك مالاً) أي أو حقًّا وذكر المال خرج مخرج الغالب فإن الحقوق تورث كالمال (فليرثه عصبته من كانوا) عبر بمن الموصولة ليعم أنواع العصبة والذي عليه أكثر الفرضيين أنهم ثلاثة أقسام عصبة بنفسه وهو من له ولاء وكل ذكر نسيب يدلى إلى الميت بلا واسطة أو بتوسط محض المذكور وعصبة بغيره وهو كل ذات نصف معها ذكر يعصبها وعصبة مع غيره وهو أخت فأكثر لغير أم معها بنت أو بنت ابن فأكثر (ومن ترك دينًا أو ضياعًا) بفتح الضاد المعجمة مصدر أطلق على اسم الفاعل للمبالغة كالعدل والصوم وجوّز ابن الأثير الكسر على أنه جمع ضائع كجياع في جمع جائع وأنكره الخطابي أي من ترك عيالاً محتاجين (فليأتني فأنا مولاه) أي وليّه أتولى أموره فإن ترك دينًا وفيته

عنه أو عيالاً فأنا كافلهم وإليّ ملجؤهم ومأواهم، وقد كان عليه الصلاة والسلام في صدر الإسلام لا يصلّي على من عليه دين فلما فتح الله تعالى عليه الفتوح صار يصلّي عليه ويوفي دينه فصار ذلك ناسخًا لفعله الأول وهل كان ذلك محرّمًا عليه أم لا؟ فيه خلاف للشافعية حكاه الروياني في الجرجانيات وحكى خلافًا أيضًا في أنه هل كان يجوز له أن يصلّي مع وجود الضامن. قال النووي: والصواب الجزم بجوازه مع وجود الضامن اهـ.

قال في شرح تقريب الأسانيد والظاهر أن ذلك لم يكن محرّمًا عليه وإنما كان يفعله ليحرّض الناس على قضاء الدين في حياتهم والتوصل إلى البراءة منه لئلا تفوتهم صلاة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما فتح الله تعالى عليه الفتوح صار يصلّي عليهم ويقضي دين من لم يخلف وفاء كما مرّ وهل كان ذلك واجبًا عليه أو يفعله تكرّمًا وتفضلاً؟ فيه خلاف عند الشافعية أيضًا والأشهر عندهم وجوبه وعدّوه من الخصائص وعند ابن حبان وصححه أنا وارث من لا وارث له أعقل منه وأرثه فهو عليه الصلاة والسلام لا يرث لنفسه بل يصرفه للمسلمين.

وهذا الحديث أخرجه المؤلّف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015