الترمذي من حديث الحسن عن سمرة وفي سماع الحسن من سمرة اختلاف، وقول الطحاوي إنه ناسخ لحديث الباب متعقب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، وقد جمع الشافعي -رحمه الله- بين الحديثين بحمل النهي على ما إذا كان نسيئة من الجانبين.
وحديث الباب قد مرّ في الوكالة ومن غرائب الصحيح. قال البزار: لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ومداره سلمة بن كهيل، وقد صرح في هذا الباب بأنه سمعه من أبي سلمة كما سبق.
2391 - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَاتَ رَجُلٌ! فَقِيلَ لَهُ، قَالَ: كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ وَأُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ. فَغُفِرَ لَهُ». قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الملك) بن عمير القرشي الكوفي (عن ربعي) بكسر الراء وسكون الموحدة وكسر المهملة وتشديد التحتية ابن خراش (عن حذيفة) بن اليمان (-رضي الله عنه-) أنه (قال: سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(مات رجل) لم يسم (فقيل له) وفي باب من أنظر موسرًا من طريق منصور عن ربعي قالوا أعلمت من الخير شيئًا؟ ولأبي ذر عن المستملي هنا: فقيل له ما كنت تقول؟ (قال كنت أبايع الناس فأتجوّز) بتشديد الواو (عن الموسر وأخفف عن العسر فغفر له) بضم الغين المعجمة مبنيًّا للمفعول.
(قال أبو مسعود) عقبة بن عمرو الأنصاري البدري بالإسناد السابق (سمعته) أي هذا الحديث (من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر عن الكشميهني عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالعين بدل الميم، ولفظ مسلم اجتمع حذيفة وأبو مسعود قال حذيفة: لقي رجل ربه فقال ما عملت؟ قال: ما عملت من الخير إلا أني كنت رجلاً ذا مال فكنت أطالب به الناس فكنت أقبل الميسور وأتجاوز عن المعسور. قال: تجاوزوا عن عبدي. قال أبو مسعود: هكذا سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول، وفي رواية له من طريق شقيق عن أبي مسعود حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء وهو عامّ مخصوص لأن عنده الإيمان، ولذلك يجوز العفو عنه؟ {إن الله لا يغفر أن يشرك به} [النساء: 48] والأليق به أنه كان ممن قام بالفرائض لأنه كان ممن وقي شحّ نفسه فالمعنى أنه لم يوجد له من النوافل إلا هذا، ويحتمل أن له نوافل أُخَر لكن هذا أغلب عليه فلم يذكرها اكتفاء بهذا، ويحتمل أن يكون المراد بالخير المال فيكون المعنى أنه لم يوجد له فعل برّ في المال إلا إنظار المعسر والله أعلم.
هذا (باب) بالتنوين (هل يعطى) بفتح الطاء أي هل يعطي المستقرض للمقرض (أكبر من سنّه) الذي اقترضه.
2392 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَقَاضَاهُ بَعِيرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَعْطُوهُ. فَقَالُوا: مَا نَجِدُ إِلاَّ سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَاكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ أَحْسَنَهُمْ قَضَاءً".
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد بن مسربل بن مغربل أبو الحسن الأسدي البصري الثقة (عن يحيى) بن سعيد القطان (عن سفيان) الثوري أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (سلمة بن كهيل) الحضرمي أبو يحيى الكوفي (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً)
أعرابيًا (أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتقاضاه بعيرًا) كان عليه الصلاة والسلام اقترضه منه (فقال) ولأبوي ذر والوقت قال (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(أعطوه) بهمزة قطع مفتوحة ولمسلم فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره (فقالوا: ما) ولأبي ذر عن الكشميهني: لا (نجد إلاّ سنًّا أفضل من سنّه) زاد في باب استقراض الإبل اشتروه فأعطوه إياه (فقال الرجل) له عليه الصلاة والسلام: (أوفيتني) أي أعطيتني حقّي وافيًا كاملاً (أوفاك الله) بالهمزة قبل الواو الساكنة فيهما (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطوه) أي الأفضل (فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء) وهذا من مكارم أخلاقه وليس هو من قرض جر منفعة إلى المقرض المنهي عنه لأن المنهي عنه ما كان مشروطًا في القرض كشرط ردّ عن مكسر أو ردّه بزيادة في القدر أو الصفة، والمعنى فيه أن موضوع القرض الإرفاق فإذا شرط لنفسه حقًّا خرج عن موضوعه فمنع صحته فلو فعل ذلك بلا شرط كما هنا استحب ولم يكره ويجوز للمقرض أخذها لكن مذهب المالكية أن الزيادة في العدد منهي عنها، واحتج الشافعية بعموم قوله فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء ولو شرط أجلاً لا يجرّ منفعة