في مثل هذا والمعروف من اصطلاحهم فيه أن المراد ترجيح الرواية التي قالوا إنها أصح والحكم للراجح، فتكون تلك الرواية شاذة ضعيفة والمرجحة
هي الصحيحة وحينئذٍ فبين النقلين تنافٍ، لكن المعتمد ما في الجامع لأنه مقول بالجزم واليقين بخلاف ما في العلل فإنه على سبيل الظن والاحتمال وما ذكر عن سالم ونافع هو المشهور عنهما.
وروي عن نافع رفع القصتين رواه النسائي من رواية شعبة عن عبد ربه عن سعيد عن نافع عن ابن عمر فذكر القصتين مرفوعتين، ورواه النسائي أيضًا من رواية محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر عن عمر مرفوعًا بالقصتين وقال: هذا خطأ والصواب حديث ليث بن سعد وعبيد الله وأيوب أي عن نافع عن ابن عمر عن عمر بقصة العبد خاصة موقوفة، ورواه النسائي أيضًا من رواية سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر بالقصتين مرفوعًا. قال المزي: والمحفوظ أنه من حديث ابن عمر.
2380 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رضي الله عنهم- قَالَ: "رَخَّصَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُبَاعَ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا".
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن نافع عن ابن عمر) بن الخطاب (عن زيد بن ثابت -رضي الله عنهم-) أنه (قال: رخص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن تباع العرايا بخرصها تمرًا) بفتح الخاء المعجمة في الفرع وغيره.
قال النووي: وهو أشهر من الكسر فمن فتح قال هو مصدر أي اسم للفعل، ومن كسر قال هو اسم للشيء المخروص أي بقدر ما فيها إذا صار تمرًا بأن يقول الخارص هذا الرطب الذي عليها إذا جفّ يجيء منه ثلاثة أوسق من التمر مثلاً فيبيعه صاحبه لإنسان بثلاثة أوسق من التمر ويتقايضان في المجلس فيسلم المشتري التمر ويسلم بائع الرطب الرطب بالتخلية كذا عند الشافعي وأحمد والجمهور وفي تفسيرها أقوال أُخَر سبق بعضها.
ومطابقة الحديث للترجمة من حيث إن المعري ليس له أن يمنع المعرى من دخوله في الحائط لتعهد العرية. وهذا الحديث قد مرّ في باب تفسير العرايا من كتاب البيوع.
2381 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-: "نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَعَنِ الْمُزَابَنَةِ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا، وَأَنْ لاَ تُبَاعَ إِلاَّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلاَّ الْعَرَايَا".
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (عن عطاء) هو ابن أبي رباح أنه (سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما-) يقول: (نهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن المخابرة) بضم الميم وبعد الخاء المعجمة ألف فموحدة فراء وهي عقد المزارعة بأن يكون البذر من العامل (و) عن (المحاقلة) بالحاء المهملة والقاف بيع الزرع بالبر الصافي (وعن المزابنة) بالزاي والموحدة والنون بيع الكرم بالزبيب ونحوه في الرطب والتمر (وعن بيع الثمر) بالمثلثة والميم المفتوحتين (حتى يبدو صلاحها) بأن تذهب العاهة وذلك عند طلوع
الثريا ولأبي ذر صلاحه بتذكير الضمير (وأن لا تباع) الثمرة بالمثلثة بالتمر بالمثناة وإسكان الميم فالأول اسم له وهو رطب على رؤوس النخل والثاني اسم له بعد الجداد واليبس وأجمعوا على أن ذلك مزابنة وحقيقتها الجامعة لإفرادها بيع الرطب من الربوي باليابس منه (إلا بالدينار والدرهم) الذهب والفضة فيجوز (إلا العرايا) فلا تباع بهما بل بخرصها تمرًا.
2382 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "رَخَّصَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، شَكَّ دَاوُدُ فِي ذَلِكَ".
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة القرشي المكي المؤذن، ولأبي ذر: سكون زاي قزعة قال: (أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت: حدّثنا (مالك) الإمام (عن داود بن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين الأموي مولاهم أبي سليمان المدني ثقة إلا في عكرمة ورمي برأي الخوارج، لكن قال ابن حبان: لم يكن داعية وقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وروى له البخاري هذا الحديث فقط وله شواهد (عن أبي سفيان) قيل اسمه وهب وقيل قزمان (مولى أبي أحمد) بن جحش، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي: مولى ابن أبي أحمد (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: رخص النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيع العرايا بخرصها من التمر) متعلق ببيع العرايا والباء في قوله بخرصها للسببية أي رخص في بيع رطبها من التمر بسبب خرصها يأكلونها رطبًا (فيما دون خمسة أوسق) جمع وسق بفتح الواو وهو ستون صاعًا