بن عتبة) بضم العين وسكون التاء (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الصعب بن جثامة) بفتح الصاد المهملة وسكون العين وجثامة بفتح الجيم وتشديد المثلثة الليثي (قال: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(لا حمى) لأحد يخص نفسه به يرعى فيه ماشيته دون سائر الناس (إلا لله) عز وجل (ولرسوله) ومن قام مقامه عليه الصلاة والسلام وهو الخليفة خاصة، إذا احتيج إلى ذلك لمصلحة المسلمين كما فعل العمران وعثمان -رضي الله عنهم-، وإنما يحمي الإمام ما ليس بمملوك كبطون الأودية والجبال والموات.
وفي النهاية قيل: كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضًا في حيّه استعوى كلبًا فحمى مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه فنهى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذلك وأضاف الحمى إلى الله ورسوله أي إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله تعالى وإبل الزكاة وغيرها.
(وقال) أي ابن شهاب بالسند السابق مرسلاً (بلغنا) ولأبي ذر وقال أبو عبد الله أي البخاري بلغنا (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حمى النقيع) بفتح النون وكسر القاف وبعد التحتية الساكنة عين مهملة وهو موضع على عشرين فرسخًا من المدينة وقدره ميل في ثمانية أميال كما ذكره ابن وهب في موطئه، وهو في الأصل كل موضع يستنقع فيه الماء أي يجتمع فإذا نضب الماء نبت فيه الكلأ وهو غير نقيع الخضمات، وقد توهم رواية أبي ذر حيث قال: وقال أبو عبد الله بلغنا أنه من كلام المؤلّف وإنما الضمير المرفوع في بلغنا يرجع إلى الزهري كما صرح به أبو داود.
(وأن عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه- (حمى السرف) بفتح السين المهملة والراء كذا في فرعين لليونينية كهي، وفي النسخة المقروءة على الميدومي وغيرها السرف بكسر الراء ككتف موضع قرب التنعيم، وذكر القاضي عياض أنه الذي عند البخاري، وقال الدمياطي: إنه خطأ، وفي نسخة بالفرع وأصله الشرف بفتح الشين المعجمة والراء وهو كذلك في بعض الأصول المعتمدة وهو الذي في موطأ ابن وهب، ورواه بعض رواة البخاري أو أصلحه وهو الصواب وأما سرف فلا يدخله الألف واللام كما قاله القاضي عياض (والربذة) بفتح الراء والموحدة والمعجمة موضع معروف بين الحرمين وقوله وأن عمر الخ ... عطف على الأول وهو من بلاغ الزهري أيضًا. وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن نافع عن ابن عمر أن عمر حمى الربذة لنعم الصدقة.
وحديث الباب أخرجه البخاري أيضًا في الجهاد وأبو داود في الخراج والنسائي في الحمى والسِّيَر.
(باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار).
2371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ. فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلاَ ظُهُورِهَا فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ. وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ. وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْحُمُرِ فَقَالَ: مَا أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهَا شَىْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. [الحديث 2371 - أطرافه في: 2860، 3646، 4962، 4963، 7356].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك بن أنس) الإمام (عن زيد بن أسلم) العدوي مولى عمر المدني (عن أبي صالح) ذكوان (السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(الخيل لرجل أجر) أي ثواب (ولرجل ستر) أي ساتر لفقره ولحاله (وعلى رجل وزر) أي إثم ووجه الحصر في هذه أن الذي يقتني الخيل إما أن يقتنيها للركوب أو للتجارة وكلٌّ منهما إما أن يقترن به فعل طاعة الله وهو الأول أو معصيته وهو الأخير أو يتجرد عن ذلك وهو الثاني (فأما) الأول (الذي) هي (له أجر فرجل ربطها في سبيل الله) أي أعدّها للجهاد (فأطال بها) ولأبي ذر: لها باللام بدل الموحدة (في مرج) بفتح الميم وبعد الراء الساكنة جيم أرض واسعة فيها كلأ كثير (أو روضة) شك من الراوي (فما أصابت في طيلها ذلك) بكسر الطاء المهملة وبعد التحتية المفتوحة لام الحبل الذي يربط به ويطوّل لها لترعى ويقال طول بالواو المفتوحة بدل الياء (من المرج أو الروضة كانت له) أي لصاحبها، ولأبي ذر: كان لها (حسنات) بالنصب (ولو أنه انقطع طيلها فاستنت) بفتح الفوقية وتشديد النون أي عدت بمرح ونشاط أي رفعت يديها وطرحتهما معًا (شرفًا أو شرفين) بالشين المعجمة المفتوحة والفاء فيهما أي شوطًا أو شوطين وسمي به لأن المغازي يشرف على