أيوب الأنصاري عند أحمد مرفوعًا: ما من رجل يغرس غرسًا وحديث ما من عبد فظاهرهما يتناول المسلم والكافر لكن يحمل المطلق على المقيد والمراد بالمسلم الجنس فتدخل المرأة المسلمة.

(وقال لنا مسلم) هو ابن إبراهيم الفراهيدي البصري قال العيني كابن حجر: كذا بإثبات لنا للأصيلي وكريمة وأبي ذر وفي رواية النسفيّ وآخرين وقال مسلم بدون لفظة لنا (حدّثنا أبان) ابن يزيد العطار قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة قال: (حدّثنا أنس) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لم يسق متن هذا السند لأن غرضه منه التصريح بالتحديث من قتادة عن أنس، وقد أخرجه مسلم عن عبد بن حميد عن مسلم بن إبراهيم المذكور بلفظ: أن نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى نخلاً لأم مبشر امرأة من الأنصار فقال: "من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر"؟ قالوا: مسلم بنحو حديثهم كذا عند مسلم فأحال به على ما قبله، وقد بيّنه أبو نعيم في المستخرج من وجه آخر عن مسلم بن إبراهيم، وباقيه: لا يغرس مسلم غرسًا فيأكل منه إنسان أو طير أو دابّة إلا كان له صدقة، وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طرق عن جابر قال في بعضها فيأكل منه سبع أو طائر أو شيء إلا كان له فيه أجر، وفي أخرى: فيأكل منه إنسان ولا دابّة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة. ومقتضاه أن ثواب ذلك مستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولاً منه ولو مات غارسه أو زارعه ولو انتقل ملكه إلى غيره.

قال ابن العربي: في سعة كرم الله أن يثيب على ما بعد الحياة كما كان يثيب ذلك في الحياة وذلك في ستة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو غرس، أو زرع، أو رباط فللمرابط ثواب عمله إلى يوم القيامة انتهى.

ونقل الطيبي عن محيي السُّنّة أنه روى أن رجلاً مرّ بأبي الدرداء وهو يغرس جوزة فقال: أتغرس هذه وأنت شيخ كبير وهذه لا تطعم إلا في كذا وكذا عامًا. قال: ما عليّ أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري. قال: وذكر أبو الوفاء البغدادي أنه مرّ أنو شروان على رجل يغرس شجر الزيتون فقال له: ليس هذا أوان غرسك الزيتون وهو شجر بطيء الأثمار، فأجابه غرس من قبلنا فأكلنا ونغرس ليأكل من بعدنا. فقال أنو شروان: زه أي أحسنت، وكان إذا قال زه يعطي من قيلت له أربعة آلاف درهم فقال: أيها الملك كيف تعجب من شجري وإبطاء ثمره فما أسرع ما أثمر. فقال: زه فزيد أربعة آلاف درهم أخرى. فقال: كل شجر يثمر في العام مرة وقد أثمرت شجرتي في ساعة

مرتين. فقال: زه فزيد مثلها فمضى أنو شروان فقال: إن وقفنا عليه لم يكفه ما في خزائننا.

ثم إن حصول هذه الصدقة المذكورة يتناول حتى من غرسه لعياله أو لنفقته لأن الإنسان يُثاب على ما سرق له وإن لم ينوِ ثوابه ولا يختصّ حصول ذلك بمن يباشر الغراس أو الزراعة بل يتناول من استأجر لعمل ذلك والصدقة حاصلة حتى فيما عجز عن جمعه كالسنبل المعجوز عنه بالحصيدة فيأكل منه حيوان فإنه مندرج تحت مدلول الحديث.

واستدلّ به على أن الزراعة أفضل المكاسب وقال به كثيرون، وقيل الكسب باليد، وقيل التجارة، وقد يقال كسب اليد أفضل من حيث الحلّ والزرع من حيث عموم الانتفاع، وحينئذٍ فينبغي أن يختلف ذلك باختلاف الحال فحيث احتيج إلى الأقوات أكثر تكون الزراعة أفضل للتوسعة على الناس، وحيث احتيج إلى المتجر لانقطاع الطرق تكون التجارة أفضل، وحيث احتيج إلى الصنائع تكون أفضل والله أعلم.

وهذا الحديث أخرجه المصنف أيضًا في الأدب والترمذي في الأحكام.

2 - باب مَا يُحْذَرُ مِنْ عَوَاقِبِ الاِشْتِغَالِ بِآلَةِ الزَّرْعِ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ

(باب) بيان (ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع) يحذر بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه مخففًا، ولأبي ذر: يحذر بالتشديد (أو مجاوزة الحد) قال الحافظ ابن حجر: كذا للأصيلي وكريمة ولابن شبويه أو يجاوز بالمثناة التحتية بدل الميم، ولأبي ذر والنسفيّ: جاوز الحد، وفي رواية بالفرع: أو جاز الحد (الذي أمر به) سواء كان واجبًا أو مندوبًا.

2321 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الأَلْهَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ -وَرَأَى سِكَّةً وَشَيْئًا مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ فَقَالَ- سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَدْخُلُ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إِلاَّ أُدْخِلَهُ الذُّلُّ» قَالَ مُحَمَّدٌ: وَاسْمُ أَبِي أُمَامَةَ صُدَيٌّ بْنُ عَجلانَ.

وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (حدّثنا عبد الله بن سالم الحمصي) أبو يوسف قال: (حدّثنا محمد بن زياد الألهاني) بفتح الهمزة وسكون اللام بعدها هاء فألف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015