عقدت لك عليه) مع أشراف قريش (فإما أن تقتصر على ذلك) الذي شرطوه (وإما أن تردّ إليّ ذمتي) عهدي (فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت) مبنيًا للمفعول أي غدرت (في رجل عقدت له. قال أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه-: (إني) ولأبي ذر: فإني (أردّ إليك جوارك وأرضى بجوار الله) أي بأمانة الله وحمايته وفيه قوّة يقين الصدّيق -رضي الله عنه- (ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يومئذٍ بمكة فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(قد أريت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (دار هجرتكم رأيت سبخة) بفتح السين المهملة والخاء المعجمة بينهما موحدة ساكنة، ولأبي ذر سبخة بفتح الموحدة أرضًا يعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. قال في المصابيح كالتنقيح: وإذا وصفت به الأرض كسرت الباء (ذات نخل بين لابتين) بموحدة مخففة تثنية لابة (وهما الحرّتان) بتشديد الراء بعد الحاء المفتوحة المهملة والحرة أرض بها حجارة سود، وهذا مدرج من تفسير الزهري. (فهاجر) بالفاء ولأبي الوقت: وهاجر (من هاجر) من المسلمين (قبل المدينة) لكسر القاف وفتح الموحدة (حين ذكر ذلك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة وتجهز أبو بكر) رضي الله عنه حال كونه (مهاجرًا) أي طالبًا للهجرة من مكة (فقال له رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: على رسلك) بكسر الراء وسكون السين المهملة أي على مهلك من غير عجلة (فإني أرجو أن يؤذن لي) بضم الياء مبنيًّا للمفعول في الهجرة. (قال أبو بكر: هل ترجو ذلك بأبي أنت) مبتدأ خبره بأبي أي مفدّى بأبي أو أنت تأكيد لفاعل ترجو وبأبي قسم (قال) عليه الصلاة والسلام (نعم) أرجو ذلك (فحبس أبو بكر نفسه) أي منعها من الهجرة (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر) بفتح السين المهملة وضم الميم زاد في الهجرة وهو الخبط وهو مدرج فيه من تفسير الزهري (أربعة أشهر).
ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن المجير ملتزم للمجار أن لا يؤذى من جهة من أجار منه وكأنه ضمن أن لا يؤذي وأن تكون العهدة عليه في ذلك، وقد ساق المؤلّف الحديث هنا على لفظ يونس عن الزهري، وساقه في الهجرة على لفظ عقيل كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقد سبق صدر هذا الحديث في أبواب المساجد في باب المسجد يكون في الطريق والله أعلم.
(باب) بيان حكم (الدين) سقط الباب وترجمته لأبوي ذر والوقت والحديث الآتي إن شاء الله تعالى من رواية المستملي وعند النسفيّ وابن شبويه باب بغير ترجمة.
2298 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً؟ فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلاَّ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. فَلَمَّا
فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ". [الحديث 2298 - أطرافه في: 2398، 2399، 4781، 5371، 6731، 6745، 6763].
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) المخزومي قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن أبي هريرة -رضي الله عنه-):
(أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يؤتى بالرجل المتوفى) بفتح الفاء المشددة أي الميت حال كونه (عليه الدين فيسأل) عليه الصلاة والسلام (هل ترك لدينه فضلاً) أي قدرًا زائدًا على مؤونة تجهيزه، وللكشميهني: قضاء بدل فضلاً وكذا هو عند مسلم وأصحاب السُّنن وهو أولى بدليل قوله (فإن حدّث) بضم الحاء مبنيًّا للمفعول (أنه ترك لدينه وفاء) أي ما يوفي به دينه (صلّى) عليه (وإلا) بأن لم يترك وفاء (قال للمسلمين صلّوا على صاحبكم فلما فتح الله عليه الفتوح) من الغنائم وغيرها (قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا) وزاد مسلم أو ضيعة (فعليّ قضاؤه) مما أفاء الله عليّ (ومن ترك مالاً فلورثته) واستنبط منه التحريض على قضاء دين الإنسان في حياته والتوصل إلى البراءة منه ولو لم يكن أمر الدين شديدًا لما ترك عليه الصلاة والسلام على المديون وهل كانت صلاته على المديون حرامًا أو جائزة؟ وجهان. قال النووي: الصواب الجزم بجوازها مع وجود الضامن كما في حديث مسلم، وفي حديث ابن عباس عند الحازمي أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما امتنع من الصلاة على من عليه دين جاءه جبريل