الارتباط فيقدر في الأول مطل الغني ظلم والمسلم في الظاهر يجتنبه فمن أتبع على مليّ فينبغي أن يتبعه وفي الثاني مطل الغني ظلم والظلم تزيله الحكام ولا تقره فمن اتبع على مليّ فليتبع ولا يخش من المطل ويشبه كما قال الأذرعي أنه يعتبر في استحباب قبولها على مليّ كونه وفيًّا وكون ماله طيبًا ليخرج المماطل ومن في ماله شبهة (فليتبع) بفتح التحتية وسكون الفوقية أي إذا أحيل بالدين الذي له على موسر فليحتل ندبًا وقوله ظلم يشعر بكونه كبيرة والجمهور على أن فاعله يفسق لكن هل يثبت فسقه بمرة واحدة أم لا.

قال النووي مقتضى مذهبنا التكرار ورده السبكي في شرح المنهاج بأن مقتضى مذهبنا عدمه واستدلّ بأن منع الحق بعد طلبه وانتفاء العذر عن أدائه كالغصب والغصب كبيرة والكبيرة لا يشترط فيها التكرار لكن لا يحكم عليه بذلك إلا بعد أن يظهر عدم عذره انتهى.

ويدخل في المطل كل من لزمه حق كالزوج لزوجته والسيد لعبده والحاكم لرعيته والعكس، واستدلّ به على اعتبار رضا المحيل والمحتال دون المحال عليه لكونه لم يذكر في الحديث وبه قال الجمهور كما مرّ.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الحوالة ومسلم في البيوع وكذا النسائي والترمذي وابن ماجة.

2 - باب إِذَا أَحَالَ عَلَى مَلِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ

هذا (باب) بالتنوين (إذا أحال) من عليه دين رب الدين بدينه (على مليّ فليس له ردّ).

2288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُتْبِعَ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتَّبِعْ".

وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن ابن ذكوان) عبد الله (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):

(مطل الغني ظلم ومن أتبع على مليّ فليتبع) بتشديد التاء كما في الفرع. وقال النووي المشهور في الرواية واللغة التخفيف، وقال الخطابي أكثر المحدّثين يقولونه بالتشديد والصواب التخفيف والمعنى جعل تابعًا له بدينه وهو معنى أحيل في الرواية الأخرى في مسند الإمام أحمد بلفظ: وإذا أحيل أحدكم على مليّ فليحتل ولهذا عدّى أتبع بعلى لأنه ضمن معنى أحيل. وعند ابن ماجة من حديث ابن عمر: فإذا أحلت على مليّ فاتبعه بتشديد التاء بلا خلاف وجمهور العلماء على أن هذا الأمر للندب، وقال أهل الظاهر وجماعة من الحنابلة بالوجوب فأوجبوا قبولها على المليء كما حكيناه فى الباب السابق عن الرعاية من كتبهم وإليه مال البخاري حيث قال فليس له ردّ وهو ظاهر الحديث، وعلى الأول فالصارف للأمر عن حقيقته وهي الوجوب إلى الندب أنه راجع لمصلحة دنيوية فيكون أمر إرشاد أشار إليه ابن دقيق العيد بقوله لما فيه من الإحسان إلى المحيل بتحصيل مقصوده من تحويل الحق عنه وترك تكليفه التحصيل بالطلبة انتهى.

وقد يقال الإحسان قد يكون واجبًا كإنظار المعسر والدنيوي إنما هو في جانب المحيل أما قبول المحتال الحوالة فلأمر أخروي، وقيل الصارف كونه أمر أبعد حظر وهو بيع الكالئ بالكالئ فيكون للإباحة أو الندب على المرجح في الأصول ومن أتبع بالواو وحينئذٍ فلا تعلق للجملة الثانية بالأولى بخلاف الحديث السابق حيث عبر بالفاء فإذا أتبع وقد مرّ ما في ذلك.

وهذا الباب ثابت في نسخة الفربري ساقط من نسخ الباقين.

3 - باب إِنْ أَحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ

هذا (باب) بالتنوين (إذا أحال) رجل (دين الميت على رجل جاز) هذا الفعل.

2289 - حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ. فَصَلَّى عَلَيْهِ. ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: ثَلاَثَةَ دَنَانِيرَ. فَصَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ. قَالَ: فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟

قَالُوا: ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ. قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَىَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ". [الحديث 2289 - طرفه في: 2295].

وبه قال: (حدّثنا المكي بن إبراهيم) بن بشير بن فرقد البلخي قال: (حدّثنا يزيد بن أبي عبيد) بالتصغير مولى سلمة بن الأكوع (عن سلمة بن الأكوع) واسمه سنان المدني شهد بيعة الرضوان (-رضي الله عنه-) أنه (قال كنا جلوسًا عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ أتي) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (بجنازة فقالوا: صلّ عليها) يا رسول الله ولم يسم صاحب الجنازة ولا الذي قال صلّ عليها، وفي حديث جابر عند الحاكم: مات رجل فغسّلناه وكفّناه وحنّطناه ووضعناه حيث توضع الجنازة عند مقام جبريل ثم آذنًا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به (فقال: هل عليه) أي الميت (دين) لأنه عليه السلام كان قبل أن تفتح عليه الفتوح إذا أُتي بمدين لا وفاء لدينه قال لأصحابه صلّوا عليه ولا يصلّي هو عليه تحذيرًا عن الدين وزجرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015