مرفوعًا وهذه موقوفة (قالت: اللهمَّ إن يمت) هذا الجبار (يقال) كذا للحموي والمستملي بالألف، واستشكل بأن جواب الشرط يجب جزمه وأجيب بأن الجواب محذوف تقديره أعذب، ويقال (هي قتلته) والجملة لا محل لها من الإعراب دالّة على المحذوف، وللكشميهني: يقل بالجزم وحذف الألف على الأصل أي فقد يقل قتله وذلك موجب لتوقعها مساءة خاصة الملك وأهله (فأرسل) الجبار أي أطلق مما عرض له والهمزة مضمومة (ثم قام إليها) ثانيًا (فقامت توضأ وتصلي) بالواو وهي مكشوطة في الفرع مكتوب مكانها همزة توضأ وكذا هي ساقطة في اليونينية أيضًا (وتقول: اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك) إبراهيم (وأحصنت فرجي إلا على زوجي) إبراهيم (فلا تسلط عليّ هذا الكافر) بإثبات اسم الإشارة هنا وإسقاطه في السابقة (فغط) الجبار يعني اختنق حتى صار كالمصروع (حتى ركض) ضرب (برجله) الأرض (قال) وفي نسخة: فقال (عبد الرحمن) أي ابن هرمز الأعرج، وفي نسخة: قال الأعرج ووقع في بعض الأصول قال أبو عبد الرحمن والذي يظهر لي أن ذلك سهو من الناسخ فإن كنية عبد الرحمن أبو داود لا أبو عبد الرحمن والعلم عند الله تعالى.
(قال أبو سلمة) أي ابن عبد الرحمن، (قال أبو هريرة) -رضي الله عنه- (فقالت: اللهم إن يمت) هذا الجبار (فيقال) بالفاء والألف فهي كالفاء في قوله: {أينما تكونوا يدرككم الموت} [النساء: 78] على قراءة الرفع في يدرككم أي فيدرككم، وللمستملي يقال بحذف الفاء فهي مقدرة، وللكشميهني يقل بالجزم جوابًا للشرط (هي قتلته فأرسل) بضم الهمزة في جميع ما وقفت عليه من الأصول أي أطلق الجبار (في الثانية أو في الثالثة) شك الراوي، وفي نسخة وفي الثالثة بإسقاط الألف من غير شك (فقال) الجبار عقب إطلاقه في المرة الثانية أو الثالثة لجماعته (والله ما أرسلتم إليّ إلاّ شيطانًا) أي متمردًا من الجن وكانوا قبل الإسلام يعظّمون أمر الجن ويرون كل ما يقع من الخوارق من فعلهم وتصرفهم وهذا يناسب ما وقع له من الخنق الشبيه بالصرع (ارجعوها) بكسر الهمزة أي ردّوها (إلى إبراهيم عليه السلام) ورجع يأتي لازمًا ومتعديًا يقال: رجع زيد رجوعًا ورجعته أنا رجعًا قال الله تعالى {فإن رجعك الله إلى طائفة} [التوبة: 83] وقال: {فلا ترجعوهنّ إلى الكفار} [الممتحنة: 10] (وأعطوها) بهمزة قطع فعل أمر أي أعطوا سارة (آجر) بهمزة ممدودة بدل الهاء وجيم مفتوحة فراء، وكان أبو آجر من ملوك القبط من حقن بفتح الحاء المهملة وسكون القاف قرية بمصر، (فرجعت إلى إبراهيم عليه السلام) زاد في أحاديث الأنبياء فأتته أي إبراهيم وهو قائم يصلّي فأومأ بيده مهيم أي ما الخبر؟ (فقالت: أشعرت) أي أعلمت (أن الله كبت الكافر) بفتح الكاف والموحدة بعدها تاء مثناة فوقية أي صرعه لوجهه أو أخزاه أو ردّه خائبًا أو أغاظه وأذله (وأخدم وليدة) يحتمل أن يكون وأخدم معطوفًا على كبت، ويحتمل أن يكون فاعل أخدم هو الجبار فيكون استئنافًا، والوليدة الجارية للخدمة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وفي الأصل الوليد الطفل والأنُثى
وليدة الجمع ولائد وحذفت مفعول أخدم الأول لعدم تعلق الغرض بتعيينه أو تأدبًا مع الخليل عليه الصلاة والسلام أن تواجهه بأن غيره أخدمها ووليدة المفعول الثاني، والمراد بها آجر المذكورة.
وموضع الترجمة قوله: وأعطوها آجر وقبول سارة منه وإمضاء إبراهيم ذلك ففيه صحة هبة الكافر وقبول هدية السلطان الظالم وابتلاء الصالحين لرفع درجاتهم وفيه إباحة المعاريض وأنها مندوحة عن الكذب.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الهبة والإكراه وأحاديث الأنبياء.
2218 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتِ: "اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلاَمٍ، فَقَالَ سَعْدٌ: هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَهِدَ إِلَىَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ. وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ، فَقَالَ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ، وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ. فَلَمْ تَرَهُ سَوْدَةُ قَطُّ".
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص) أحد العشرة المبشرة بالجنة (وعبد بن زمعة) أخو سودة أم المؤمنين (في غلام) هو عبد الرحمن ابن وليدة زمعة