المهذب والوسيط تبعًا للإمام الغزالي الاكتفاء بالمقارنة العرفية عند العوام بحيث يعد مستحضرًا للصلاة اقتداء بالأولين في تسامحهم بذلك. وقال ابن الرفعة: إنه الحق، وصوبه السبكي ولو عزبت النية قبل تمام التكبيرة لم تصح الصلاة لأن النية معتبرة في الانعقاد، والانعقاد لا يحصل إلا بتمام التكبيرة، ولو نوى الخروج من الصلاة أو تردد في أن يخرج أو يستمر بطلت بخلاف الصوم والحج والوضوء والاعتكاف لأنها أضيق بابًا من الأربعة، فكان تأثيرها باختلاف النية أشد. ولو علق الخروج من الصلاة بحضور شيء بطلت في الحال ولو لم يقطع بحصوله كتعليقه بدخول شخص كما لو علق به الخروج من الإسلام فإنه يكفر في الحال قطعًا، وتجب نية فعل الصلاة أي لتمتاز عن بقية الأفعال وتعيينها كالظهر والعصر لتمتاز عن غيرها (و) كذا يدخل في قوله الأعمال بالنية (الزكاة) إلا إن أخذها الإمام من الممتنع فإنها تسقط ولو لم ينوِ صاحب المال لأن السلطان قائم مقامه، (و) كذا (الحج) وإنما ينصرف إلى فرض من حج عنه غيره لدليل خاص وهو حديث ابن عباس في قصة شبرمة (و) كذا (الصوم) خلافًا لمذهب عطاء ومجاهد وزفر أن الصحيح المقيم في رمضان لا يحتاج إلى نية لأنه لا يصح النفل في رمضان، وعند الأربعة تلزم النية. نعم تعيين الرمضانية لا يشترط عند الحنفية. (و) كذا (الأحكام) من المناكحات والمعاملات والجراحات إذ يشترط في كلها القصد، فلو سبق لسانه إلى بعت أو وهبت أو نكحت أو طلّقت لغا لانتفاء القصد إليه ولا يصدق ظاهرًا إلا بقرينة كأن دعا زوجته بعد طهرها من الحيض إلى فراشه وأراد أن يقول: أنت طاهر فسبق لسانه وقال: أنت الآن طالق. (وقال: {قُلْ كُلٌّ}) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر وقال الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ} وللأصيلي وكريمة عز وجل {قُلْ كُلٌّ} أي كل أحد {يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84] أي (على نيته) وهو مروي عن الحسن البصري ومعاوية بن قرة المزني وقتادة فيما أخرجه عبد بن حميد والطبري عنهم، وقال مجاهد والزجّاج: شاكلته أي طريقته ومذهبه وحذف المؤلف أداة التفسير (ونفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة) حال كونه مريدًا بها وجه الله تعالى فيحتسبها حال متوسط بين المبتدأ والخبر، وفي فرع اليونينية كهي نفقة الرجل بحذف الواو، وجملة نفقة الرجل إلى آخرها ساقطة عند أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر. (وقال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث ابن عباس المروي عند المؤلف مسندًا: لا هجرة بعد الفتح، (ولكن) طلب الخير (جهاد ونية) وسقط لغير الأربعة، وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
54 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ». [انظر الحديث رقم 1].
وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بفتح الميمين واللام (قال: أخبرنا) وفي رواية ابن عساكر حدّثنا (مالك) هو إمام الأئمة (عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن محمد بن إبراهيم) بن الحرث التيمي (عن علقمة بن وقاص) الليثي (عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(الأعمال) تجزئ (بالنية) بالإفراد وحذف إنما، واتفق المحققون على إفادة الحصر من هذه الصيغة كالمصدرة بإنما وهو من حصر المبتدأ في الخبر، والتقدير كل الأعمال بالنية نعم خرج من العموم جزئيات بدليل، والجار والمجرور يتعلق بمحذوف قدره بعضهم قبول الأعمال واقع بالنية وفيه حذف المبتدأ وهو قبول وإقامة المضاف إليه مقامه، ثم حذف الخبر وهو واقع. والأحسن تقدير من قدر الأعمال صحيحة أو مجزئة. وقيل: تقدير الخبر واقع أولى من تقديره بمعتبر لأنهم أبدًا لا يضمرون إلا ما يدل عليه الظرف وهو واقع أو استقر وهي قاعدة مطّردة عندهم. وأجيب بأنه مسلم في تقدير ما يتعلق به الظرف مطلقًا مع قطع النظر عن صورة خاصة، وأما الصورة المخصوصة فلا
يقدر فيها إلا ما يليق بها مما يدل عليه المعنى أو السياق، وإنما قدر هذا خبر التقدير المبتدأ وهو قبول، وإذا قدرنا ذلك نفس الخبر لم يحتج إلى حذف المبتدأ. (ولكل امرئ ما نوى) أي الذي نواه إذا كان المحل قابلاً كما سبق تقريره (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) نية